المشاجرات ليست حكرا على الشوارع، بل أصبح لها موطئ قدم على "الشاشات"، فكم من طاولة قُلبت على رأس الحوار الدائر فوقها بحثا عن حل لمشكلة؛ لأن متحاورين اختارا آخر العلاج، فذهب كل واحدٍ منهما لـ"كيّ" خصمه علانية!

أغلب المشاجرات الفضائية كانت على طاولة الحوار، ولم يبق شيء لم يستخدم فيها، من البصق مرورا بالتشابك بالأيدي وصولا إلى التهديد بالمسدس وتقديم بلاغ في الشرطة، ولم نسأل أنفسنا لماذا كان "المسدس" في جيب "المحاور" وهو في طريقه إلى طاولة حوار، إن لم يكن مقتنعا أنها إحدى ساحات المشاجرات؟

ربما يمكن تبرير المشاجرات الفضائية أنها كانت بين ضيوف طارئين على الشاشة، ولم يكن أحدٌ منهم من أهل الإعلام، إلا أن من صب الزيت على النار كان من أهل الإعلام أو هو شريكٌ في إشعال طاولة الحوار بالأيدي بعد الألسن. وربما يبرر البعض أن استفزاز الضيوف وجرهم إلى حلبة المصارعة جزء من لعبة إعلامية ضحاياها المتشاجرون والجمهور، لكسب مزيد من الشهرة والمشاهدة.

لم تعد المشاجرات غريبة عن الشاشات الفضائية، حتى وإن لم يكن في الأستوديو سوى شخص واحد هو مذيع أو مذيعة البرنامج، فستجد رد الفعل على انتقاد أحد الزملاء للبرنامج يتحول إلى مشاجرة فضائية "عن بعد" تستخدم فيها كل الألفاظ والأوصاف النابية.

مشاجرة الإعلاميين المصريين: ريهام سعيد، ويسري فودة، نموذج على المشاجرات الفضائية التي تكشف عور الإعلام، فالنقد لا يكون بالأوصاف القذرة، وانتقاد النقد لا يكون على حساب جمهور يشاهد برنامجا مخصصا له وليس ملكا شخصيا للمذيعة.