أفردت صحيفة نيويورك تايمز مساحة افتتاحيتها قبل أيام لوزير الخارجية الإيراني ليكتب فيها عن الأزمة السياسية بين السعودية وبلاده، ومرر خلالها عدة مغالطات ومعلومات غير صحيحة، أو بالأصح نحن نعرف أنها غير صحيحة، وساق عدة اتهامات للسعودية بأنها تتبنى التطرف وتتجه إلى الصدام ووصفها بالهمجية. وتعرض الوزير كذلك إلى حادثة الحج الأخيرة واتهم السلطات السعودية بالإهمال، وذكر أن حكومته دانت الاعتداء على السفارة والقنصلية السعودية في طهران ومشهد، وأنه جرى ملاحقة المخربين، في تعتيم واضح للحقيقة وتضليل متعمد، فنحن كذلك نعرف أن الحرس الثوري هو من كان خلف الحادثة. لكن الوزير الإيراني وجد مكانا لتمرير الأكاذيب التي يريدها بمعاونة الغرب أو ربما بإجباره على التعاون بطريقة أو بأخرى، وهذا نموذج بسيط للبراعة التي حققتها إيران في الإعلام الدولي، في وقت ما زلنا ننتظر من يسألنا عن وجهة نظرنا في الأحداث حتى نجيب. الإعلام السعودي غائب تماما عن مخاطبة العالم، ولا يملك أي أذرعة مساعدة يمكن أن يتكئ عليها لإيصال رسالتنا إلى العالم، وتوضيح الصورة من وجهة نظرنا أو كما نراها، مثلما تفعل إيران، التي استطاعت وخلال سنوات معدودة أن تتحول من محور شر وعدو كبير يجابه الولايات المتحدة إلى حليف قوي لها، ووصلت بعمق العلاقة إلى أن يكون لها برنامج نووي، وهي الوحيدة التي حظيت بهذه المباركة الأميركية في المنطقة، بعد عداء مرير، فككته الدبلوماسية والعمل الإعلامي المحترف. السؤال الذي يطرح نفسه اليوم: لماذا لا نمتلك تلك المساحة الافتتاحية في صحيفة نيويورك تايمز أو واشنطن بوست وغيرها من الصحف الأميركية الكبيرة، كما فعلت إيران؟، ولماذا لا نتحرك في هذا الطريق أو نتبنى طرقا أخرى من شأنها أن تؤثر في الرأي العام الغربي، أو على الأقل تؤثر في الحضور الإعلامي الدولي، وتفند كل الحقائق التي تسوقها الآلة الإعلامية الإيرانية، والتي ما فتئت تحاول إقناع العالم بأنها دولة الملائكة والسعودية بلاد الأشرار؟.