نفى خبير في الطقس أن يكون انخفاض درجات الحرارة وشدة البرودة التي شهدها شتاء المملكة هذا العام، أحد تداعيات ظاهرة النينو، مؤكدا أن دخول البرد بشراسة غير معتادة على مناطق شمال وجنوب المملكة يستدعي البحث والدراسة.


 


ظاهرة النينو

قال الخبير نزيه الحيزان، إنه "لا علاقة لظاهرة النينو بدخول الشتاء القارس هذا العام، فما حدث تطرف مناخي بين السالب والإيجاب"، مشيرا إلى أن المملكة مرت خلال الـ30 عاما الماضية بنفس الحالة المطرية.

وقال لـ"الوطن" إن "أحوال طقس الجزيرة العربية خلال الثلاثين عاما الماضية من واقع السجلات تظهر حتمية تغير المناخ، وتطرفه، وهو ما يستدعي البحث عن أسباب دخول البرد بشراسة غير معتادة على مناطق شمال وجنوب المملكة".

واستعرض الحيزان جانبين يصاحبان التقلبات الجوية، وهما طقس جاف يصحبه برد قارس، وآخر رطب تصاحبه أمطار غزيرة وفيضانات، وحدد دور الإنسان في التقليل من هذه التغيرات، قائلا إن "التغير المناخي من أهم القضايا التي تجب مناقشتها وتهم البشرية في شتى المناحي، ويقع على الإنسان الجانب الأكبر في المحافظة على البيئة، والابتعاد عن صناعة التلوث، ورمي النفايات والمواد السامة التي تؤثر على طبيعة الأرض، كما يتحتم وضع آليات محسوبة، نطرح معها كيفية معالجة الجفاف وتناقص المساحات الخضراء، بسبب قله الأمطار"، مشيرا إلى أهمية سن القوانين للحفاظ على البراري من العبث والتخريب والتصحر الذي انعكس دوره على بيئة المملكة.




الشمال الأكثر تضررا

يصف المتحدث الرسمي لمصلحة الأرصاد حسين القحطاني مرور المملكة بموجة شديدة من البرد وطول فترة الصقيع بالموجة "المتطرفة"، ويقول إن "المملكة شهدت في شتاء 1437 زيادة في البرودة والتطرف المناخي الذي كان عبارة عن ظواهر جوية حادة تسببت في نزول الثلوج وسقوط الأمطار في فترات زمنية معروفة"، مشيرا إلى أن المناطق الأكثر تضررا تقع شمال المملكة.

وأضاف، أن "وزارتي الصحة والزراعة تتعاونان بشكل مستمر لتلافي الأضرار التي قد تقع على الإنسان والنبات والحيوان جراء هذه البرودة"، مشيرا إلى أن الظواهر الجوية قد تمنع الطيران في بعض الأحيان وتمثل الخسائر الزراعية أعلى الضرر الواقع منها. وأوضح القحطاني أن "الأرصاد تتعاون مع 16 وزارة، وتصدر التنبيهات عبر موقعها، وهناك 4 تحذيرات تطلقها وقت الأزمات، تبدأ بالمراقبة، وبالتنبيه المتقدم، والإنذار المبكر، ثم التحذير، وتقع عملية التحذير المباشر الذي يبثها عبر وسائل التواصل والرسائل القصيرة الدفاع المدني". وقال القحطاني إن ما تشهده المملكة أخيرا ليست بالجديدة، حيث وثقت مصلحة الأرصاد على مدى سنوات مرت ظاهرة الثلوج والبرد بكافة مناطق المملكة، حيث يشهد العالم كله ظاهرة التقلبات المناخية وزيادة البرودة.


 


تقدم التكنولوجيا

قال الباحث في علم الطقس، عضو لجنة تسمية الحالات المناخية المميزة في المملكة عبدالعزيز الحصيني إن "ظاهرة انتشار الثلوج التي تشهدها المملكة هذا الشتاء ترجع إلى تقدم منخفض جوي أثر على شمال المملكة وغربها وجنوبها، وعلى أثره هبت رياح شمالية على بعض مناطق المملكة الوسطى والشمالية والغربية والجنوبية، رافقتها رياح نشطة أدت إلى هبوط درجات الحرارة على شمال وجنوب المملكة".

وأضاف أن "سقوط الثلوج على سماء المملكة موجة تكررت بالشمال، لكن مع تقدم التكنولوجيا وبروز وسائل التواصل أظهر الناقلون بالصور سقوط الثلوج بشكل كبير". وأبان الحصيني أن "المملكة تأثرت بتقدم الخط الثلجي من أقسى شمال المنطقة الشمالية والجنوبية والقادم من الجنوب القطبي"، متوقعا أن يستمر الانخفاض بدرجات الحرارة مع ظهور رياح متوسطة على المنطقة الوسطى والشمال وجنوب المملكة.




منخفضات قادمة

يفسر الخبير بالطقس والفلكي الدكتور خالد الزعاق الطقس البارد الذي تمر به المملكة شتاء هذا العام، ويقول إن "الحالة المدارية التي تشهدها المملكة، بتأثر المملكة بمنخفضات قادمة من هضبة البحيرات القادمة من جنوب إفريقيا وحوض البحر الأبيض المتوسط ومرتفعات قادمة من بطاح سيبريا في روسيا، والتي تجلب معها منخفضا حراريا شديد البرودة، وقال تلاحق المنخفض القادم من حوض البحر الأبيض المتوسط مع موجة قادمة من سيبريا، والذي تسبب في دخول حالة صقيع وسقوط أمطار ببعض مدن المملكة، وجلب المنخفض القادم من روسيا تدني مستوى الحرارة، وخلف موجة البرد التي تعيشها أجواء المملكة بمختلف مناطقها بين شدة البرودة في الشمال والجنوب واعتدالها بالغرب والوسط".

وأوضح أن "المرتفع السيبيري بأنه مرتفع شبه دائم، يتمركز نحو القطب الشمالي فوق خط العرض 45° ش والواقع على شمال شرق سيبيريا، وهو واحد من أهم مراكز الضغط الجوي، خلال فصل شتاء النصف الشمالي للكرة الأرضية، وهو الذي يؤثر على أجواء المملكة طوال أيام الشتاء الفعلي بهبوب رياح شمالية باردة".

وأضاف الزعاق أن "مسميات الموجات الثلجية عند الأسلاف كانت تسمى ببرد "التريزق"، وعند أهل الطقس في الشام سموها بنورة وبموجات "هدى"، وتسمى الموجات الباردة بأسماء النساء اعتقادا من لطف المسمى بها".