هل تتذكرون "دونالد رامسفيلد" وزير الدفاع الأميركي خلال رئاسة جورج بوش الابن قبل 10 سنوات؟

يبدو أن هذا العجوز البالغ من العمر 83 عاما أضاف لقبا جديدا له، وهو: "منتج تطبيقات إلكترونية"!

لكن ما سبب اقتحام صناعة التطبيقات الإلكترونية لرجل سياسة ودهاء لا يزال يعمل منذ أكثر من 50 عاما متواصلة؟ ويفترض أنه تقاعد منذ زمن طويل! تعود القصة إلى قبل عامين، حينما طلبت إحدى شركات إنتاج الألعاب الإلكترونية مساعدته في تطوير وإطلاق نسخة مختلفة من لعبة الورق "سولتير"، ويبدو أن "رامسفيلد" راقت له الفكرة، واعتبرها تحديا جديدا يضاف إلى مسيرة حياته المليئة بالأحداث والمنعطفات، فطفق يتعلم أساليب تصميم الألعاب الإلكترونية، ويطور مهاراته الحاسوبية، حتى يستطيع المساهمة في تحويل لعبة السولتير الورقية التي يتقنها إلى تطبيق إلكتروني سهل وبسيط، وهذا ما حدث حينما أعلن مؤخرا عن تدشين تطبيق اللعبة الإلكترونية: "تشرشل سولتير"!

يقول "رامسفيلد"، إنه تعلم اللعبة الأصل، ووقع في شراكها عام 1973، حينما كان سفيرا للولايات المتحدة في حلف شمال الأطلسي "الناتو" على يد الدبلوماسي البلجيكي "أندرية دي ستيركا"، الذي يزعم أنه تعلمها عام 1940 مباشرة من رئيس الوزراء البريطاني الشهير: "ونسون تشرشل" نفسه! حينما كان الشاب "أندريه" مرافقا لحكومة بلاده البلجيكية في لندن بعد غزو هتلر لها، بيد أن "رامسفيلد" وقع في غرام هذه اللعبة الفريدة من نوعها، وهو يلعبها منذ تلك الأيام وعلى مدى 4 عقود مع زوجته وأبنائه والقلة القليلة من أصدقائه الذين علمهم إياها، سواء في رحلة جوية طويلة أو نهاية يوم عمل حافل، كونها تختلف عن أنواع "السولتير" الأخرى المعتمدة على الحظ فقط، بأنها تعتمد على النظرة الإستراتيجية ورسم عدة سيناريوهات مختلفة، والتي تساعد على تحسين التركيز وشحذ الذهن.

وسبحان مغير الأحوال، فالرجل الذي كان يتهرب من ملاحقة الصحفيين، ويؤكد دوما أنه "ليس مهتما بالتفاصيل.."، صرح مؤخرا أنه قضى ساعات لا تعد في تطوير إصدار نسخة "البيتا" من اللعبة، قبل إطلاقها رسميا في متاجر تطبيقات الهواتف الذكية.

والحقيقة، أن اللعبة تستحق أن تجرب، فهي مختلفة ومشوقة، خصوصا أن بإمكانك تحدي الآلاف من اللاعبين، ومشاركة تجربتك ورقمك المسجل في وسم اللعبة عبر وسائط الاتصال الاجتماعي، وهي الكلمة الشهيرة لتشرشل #nevergivein "لا تستلموا أبدا"، والتي كان دوما يكررها للشعب البريطاني خلال الحرب العالمية الثانية.

لن أتحدث هنا عن "رامسفيلد" الذي لم يفكر في تقدم عمره حينما بدأ المشروع، وأنه لم يبق في عمره شيء يوازي ما قد مضى، بل عن رؤيته عن سر البقاء شابا، فهو يقول: "من بين الأشياء التي يتعلمها المرء مع مرور الوقت أن الجميع يزداد عمرا، ولكن ليس الجميع مقدرا له أن يشيخ؛ وأحد أفضل الطرق للبقاء شابا هو الاستمرار في التعلم"، وهو ما يطبقه حرفيا في حياته، فهو لا يزال حتى بعد تقاعده من العمل الحكومي قبل 10 سنوات؛ نشطا على المستوى الحزبي، وعلى مستوى المبادرات الاجتماعية، والظهور في وسائل الإعلام، والمشاركة في مناقشات مراكز الأبحاث وغيرها، وها هو اليوم يقتحم مجالا لم يكن يعرف ما معناه قبل الدخول فيه على حد تعبيره.

والملاحظ في الأمر أنه يبدو مستمتعا بما يفعل، فخلال الأيام الماضية ظهر "رامسفيلد" مسوقا للعبة في معظم شاشات شبكات التلفزة الأميركية، والمثير أنه حرص على الظهور شابا، فلم يرتد في أي لقاء بزة رسمية، بل ملابس غير رسمية ذات روح شابة، حتى لا تكاد تصدق أن من يتحدث قد تجاوز عقده الثامن!

يسخر "رامسفيلد" في مدونة اللعبة على شبكة الإنترنت من نفسه، فهو يقول إنه لا يستطيع القول إن هذا التطبيق سيكون الأخير الذي يشارك فيه، "فهو في النهاية لم يبلغ سوى 83 عاما فقط!"، لكنه من جهة أخرى يطمئن رواد التقنية الشباب بقوله: "إنه من الجيد القول: إن مارك زوكربيرغ –مؤسس فيسبوك- لا يجب أن يقلق من أي شيء!".