ليست روابط الماضي فقط التي توثق عرى المحبة والأخوة بيننا وبين أشقائنا في الكويت منذ أيام أئمة الدولة والمؤسس الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود وأمراء آل صباح –طيب الله ثرى الجميع-، بل يوثق عرى المحبة والأخوة بيننا اليوم المصير والخطر المشترك أيضاً في خليجنا العربي المستهدف من قبل كثيرين، منهم من نصفهم بالأصدقاء والأشقاء من باب الخطاب الدبلوماسي لا أكثر، فلا يخفى على بلادنا ما يكنونه لها في صدورهم.

ليست دماء القبيلة الواحدة وحسب التي يتقاسمها قطاع عريض من السعوديين مع أشقائهم الكويتيين، بل دماء الشهادة التي اختلطت بين أبناء المملكة وأشقائهم الكويتيين في حرب تحرير الكويت أصبحت دماء جديدة طاهرة زكية تربطنا بإخوتنا في الكويت، وتزيدنا محبة على محبة، ومودة على مودة، وإخاء على إخاء، وليس أدل على ذلك من التظاهرة الكبرى التي تشتعل بغضبها صفحات مواقع التواصل الاجتماعي الكويتية منذ أيام، إثر تلك التصريحات المخجلة التي أدلى بها شخص محسوب –مع الأسف- على مجلس الأمة الكويتي الذي ننزهه عن أن يضم عميلاً فارسياً ظاهراً، حرضه أولياء نعمته الذين يواليهم على حساب المصلحة العليا لوطنه على التطاول على بلادنا التي لن يقلل من قدرها تطاول شخص مثله عليها، ولن يزيدها مدحه لها، فما أكثر من ينبحون على وطننا المظفر هذه الأيام، وهو يخوض استحقاقاته الوطنية تجاه أمته الإسلامية بشمم وإباء وبسالة واقتدار، لكن أن يكون أحد هؤلاء النابحين عضواً ببرلمان الكويت الشامخ، وأن يتحدث  بلسان الشعب الكويتي الذي نرى بأعيننا غضبته من أجل بلادنا على مواقع التواصل وفي وسائل الإعلام، تلك هي القضية، فلينفخ من يشاء في أي نار، فسيحترق بنارها، لكن أن يفعل هذا وهو يحمل صفة رسمية في وطن نعده وطننا الثاني، تماماً كما يعد أهله بلادنا وطنهم الثاني، فهذا ما لا ينبغي أن يمر مرور الكرام.

أوجه حديثي هذا للأشقاء في الكويت، شعباً وحكومة، لدرايتي التامة بحكم علاقاتي الواسعة والعميقة مع الكثيرين هناك، بما أوقعهم فيه هذا السفيه من حرج، بتطاوله على أشقائهم في المملكة، ما يستدعي وقفة حقيقية في مواجهته بعد أن تجاوز جميع الخطوط الحمراء، ولاسيما أنه يحمل صفة رسمية، ما يعني أن تصريحه محسوب على الكويتيين شئنا أم أبينا، الأمر الذي يجعلنا في انتظار موقف واضح من الأشقاء في الكويت، يوقفه عند حده، ويلجمه، فليس أقل من قرار رسمي يجعله عبرة لكل من تسول له نفسه الاجتراء على المملكة التي نثق في أنها تعني الكثير للكويتيين، تماماً كما تعني الكويت الكثير بالنسبة لنا، فلم نستكثر يوماً عليها الدماء، فبذلنا الدماء الزكية هينة من أجل حريتها وسيادتها، وما زلنا مستعدين لدفع أي ثمن لحرية الكويت وسيادتها على أراضيها، ونحن والأشقاء يعلمون هذا تمام العلم، وإذا كانت هذه هي الروح السائدة بيننا، فليس أقل من أن تلجم الكويت نابحاً يتطاول على هذا الوطن، بإيقافه، أو إرساله إلى أولياء نعمته وزمرته التي تربى على خبثها في طهران أو في الجنوب اللبناني حيث ينبغي أن يكون، وليس بين ظهرانينا، وفي مجالسنا الرسمية، يذكي نيران الفتن، ويوقع العداوة والبغضاء.

وإذ أطالب إخوتنا في الكويت باتخاذ هذا الموقف من هذا المخلوق المريض بداء السعودية، فليس هذا بوصفه منتمياً إلى مذهب بعينه، لكن بوصفه عنصرياً بغيضاً أعلن ولاءه بكل سبيل للدولة الفارسية في إيران ولذيولها في المنطقة، وبوصفه شخصاً مثيراً للفتن تطاول على بلادنا، في وقت تربطها فيه ببلاده وشائج أخوة عميقة ومصير مشترك، فما الذي بقي من مواطنته، وهو بتصرفاته وتصريحاته يوالي دولة أخرى غير وطنه، ويعادي دولة يربطها بوطنه مصير مشترك، فيضر بذلك المصلحة العليا لبلاده مرتين، فكيف يحسب مثل هذا على الكويت، ليس ذلك وحسب، بل يتحدث باسم الشعب الكويتي تحت قبة مجلسه الموقر! فما المطلوب منا والحال تلك؟

إن الصمت على وجود مثل هذا الشخص في مجلس الأمة الكويتي بعد هذه التصريحات يترك لدينا الكثير من الأسئلة المزعجة التي لا نتمنى أبداً أن تسكننا تجاه أشقائنا في الكويت.

نعم ندرك الغضب في الداخل الكويتي من مثل هذه التصريحات. نعم نطالع بأعيننا رفض قطاع عريض من إخوتنا في الكويت لمثل هذه التجاوزات الوقحة في حق بلادنا، لكن هذا لا يغني عن موقف رسمي من هذا النكرة، يشفي صدورنا، ويعلن للعالم عن جزاء كل من تسول له نفسه الخروج على المصلحة الوطنية، سواء في الكويت أو المملكة، بحكم المصير المشترك الذي يربطنا، والعدو المشترك الذي نواجهه، في وقت لا يحتمل وجود مثل هذه الأصوات التي تقوم بدور الطابور الخامس في الخليج.