ذات مساء أتيحت لي فرصة الانتظار في صالة مطار القصيم الإقليمي، ولفت انتباهي ما تلعبه هيئة الطيران من دور جميل تجاه بلادي وشعوب العالم، وتعريفها بحضارة المملكة وتنميتها، إذ كان هذا الأمر غائباً في فترة مضت إلا من خلال المؤتمرات والمركز العالمي للحوار، وربما لم يفكر فيه أح،د إذ التجارة والدخل القومي يطغيان أحياناً على المصالح المشتركة الأخرى، مثل لغة التعارف التي أشار إليها القرآن، حينما ذكر (وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا).

هذا التعارف بالتأكيد شاهدته في لحظات انتظاري قبل إقلاع الطائرة إلى الرياض من مطار القصيم الإقليمي، وبالمناسبة تشكر الخطوط الجوية السعودية على تلبية رغبات المناطق بكثافة الرحلات مع التنامي السكاني للمملكة، وخدمة للسياحة المحلية، لقد أعطاني الوقت قبل المغادرة أن أسجل اللحظات التي يصل أو يغادر من هنا أو هناك هذا العدد الهائل من وجوه العالم الذين يسهمون في قطاع الاقتصاد عبر الشركات وعقود العمل، إذ بفتح الناقل وعدم حصره على ناقل واحد، جعل فرصة حركة المطارات السعودية تشهد حركة لا تنقطع ليلاً أو نهاراً، وهذا ما أكدته الإحصاءات الأخيرة، إذ بلغت 51% في عدد رحلاتها التي تجاوزت أكثر من 26 ألف رحلة دولية بنهاية عام 2015.

ما يهمنا أن هيئة الطيران المدني تعتبر اليوم أحد أذرع مركز الملك عبدالعزيز للحوار، إذ إنني أتحدث مع جنسيات مختلفة من شرق العالم وغربه، وعبر مطارات إقليمية، محلية بعد أن كانت مقصورة على المدن الكبرى، كالرياض والدمام وجدة، أما اليوم فإن القصيم والطائف وأبها وغيرها وربما غداً في مناطق ومحافظات أخرى وتتاح للناقل الأجنبي الدخول والخروج عبر مطاراتنا المحلية، إذ ستشاهد أطياف البشر، وهذا ما جعلني أسارع بنقل هذه الصورة من حركة الناس والتعارف ولغة التحالفات التي يعيشها من وصل أو غادر أرض المملكة، ليكون فتحاً جديداً يضاف إلى الدور السعودي في الانفتاح على العالم.

وهذا الشأن هو ما كنا وخلال سنوات مضت نبحث عنه بنقل صورتنا إلى الآخر، إذ بهذا التوجه الاقتصادي اللافت نحقق جزءاً من رسالة حوار الحضارات عبر الانتشار السريع الذي تولته هيئة الطيران المدني فأصبحت تصافح الوجه القادم من أستراليا واليابان والفلبين من خلال الناقل الجوي المنفتح على الآخر، وأين في مطاراتنا الإقليمية التي كانت منغلقة في وقت مضى، أما الآن وخلال صالات المطار تتحدث مباشرة مع هؤلاء القوم عن بلادنا وبكل فخر عندما رأوها أو وصلوا إليها، فالتنمية أمامهم والكفاءات المعطاءة ترحب بهم أثناء زيارتهم الجامعات أو المناطق وخلال الشراكة الاقتصادية التي ربما حضروا من أجلها، وأياً كان السبب في هذه الزيارة فإن محطة الرسالة التي قامت بها هيئة الطيران بفتح الناقل الآخر لتصل إلى مطاراتنا كانت فرصة جميلة لنقل حضارتنا وعاداتنا وتقاليدنا إلى أرجاء الدنيا، ذلك بنقل صورة عن المملكة وشعبها المضياف، فدورنا هنا أن نكون عند المستوى اللائق برسالتنا التي رسمتها الحضارة الإسلامية وسياسة هذا البلد الكريم الذي فتح قلبه قبل مطاراته لكل محب للسلام والتواصل على الخير ومصلحة العالم كله. وعندما نرجع إلى الوراء قليلاً نلمس كيف اهتمت المملكة بهذا التوجه الذي ربطنا بالعالم وأصبح الشأن السعودي عالياً حتى جاء مثل هذا الوضع الذي يتنّقل فيه الوافد بين مطارات المملكة وبناقل مختلف يحمل هوية التواصل الذي نعيشه في زمن العولمة وتواصل الحضارات، فشكراً هيئة الطيران مع ثبات الناقل الوطني على أقدامه مهما تنوعت وسيلة النقل وحاولت الدخول معنا في صناعته إلا أنه يظل للخطوط السعودية مكانتها المرموقة بين أساطيل النقل الجوي في العالم.