كنا نعتقد حتى قبل هنيهات -والهنيهة هنا تعني الوقت القصير، والوقت صار قصيرا لدرجة أنك لن تجد وقتا لملاحقة أصدقائك وهم يتنقلون بين الشبكات الاجتماعية لكثرتها- كنا نعتقد أن "تويتر" كان قديرا بما يكفي لتعرية الأشخاص، وكشف ما يجول في عقولهم، وما تبوح به أرواحهم، لكن هذا الاعتقاد ذهب أدراج الرياح مع ما يسمى "سناب شات"، البرنامج الأقوى حضورا هذه الأيام.

في "سناب شات"، أنت ترى الأشخاص كما هم، لأنه ينقلهم إليك مشاهدة بالصوت والصورة، وحتى لو حاول الـ"سنابشاتيون" تجميل الصورة التي يظهرون بها، يبقى المحتوى هو الفيصل، وطبعا لا تستغرب لو تابعت أحدهم ووجدته يرصد تفاصيل حياته اليومية التافهة والمملة، وكأن وقتك رخيص لتقضيه في مراقبة ما يأكل ويشرب ويقول، ولا تستغرب أيضا لو وجدت أحدهم يرسل "سناباته" من غرفة النوم أو الحمام، فالموضوع عند البعض وصل إلى درجة الهوس.

مشكلة الـ"سناب شات" أنه أشبه بجهاز التلفزيون، أي أنك أمام شاشة تقدم لك خيارات متعددة، لكن هذه الشاشات يقوم عليها أفراد، لا دراية لهم بإدارة المحتوى، وهو أهم ما تقوم عليه سياسيات أي جهاز تلفزة، ومشكلة أهل الـ"سناب شات" أنهم لا يعون خطورة ما يفعلون، أي ما يقدمونه من محتوى، وهاجسهم البحث عن الشهرة كشهوة اجتاحت الجميع، ولذلك فإنك تستشعر استعداد بعضهم لأن يقوم بأفعال غريبة، كأن يظهر عاريا كما خلقه الله.

في الشبكات الاجتماعية عموما، لن نحتكم إلا إلى الأخلاق، فلا رقابة رسمية تنظف المحتوى وتقدمه بالشكل اللائق، فمن يتخلى عن الأخلاق، لن تسعفه الشهرة في كسب مودة الناس واحترامهم، مهما لبس من أقنعة زائفة، لكن الفوضى التي تعم هذه الشبكات تجعلنا نتوقف أمام سؤال كبير: إلى أين يقودنا هذا العالم؟ وما الذي علينا أن نفعله حتى نسهم في ضبط المفهوم الأخلاقي لدى الأفراد، قبل أن ننزلق جميعا في منحدر ما يبثه سفهاء الـ"سناب"، ثم يصبح الأمر عاديا ولا تثريب علينا وعليهم؟!