في أعقاب كثير من الإجراءات التي اتخذتها الحكومة الأميركية لاستهداف المؤسسات الإجرامية العالمية التابعة لـ"حزب الله"، منها لوائح الاتهام التي أصدرتها وزارة العدل وتصنيفات وزارة الخزانة، من المتوقع أن يصدر "مدير الاستخبارات الوطنية" تقريرا، بتكليف من الكونجرس، حول هذا الموضوع في المستقبل القريب.

وكان من المقرر أن يصدر التقرير في 18 أبريل ولكن تم تأجيل ذلك بسبب حساسية الموضوع بين الوكالات الأميركية المتعددة.

فإضافة إلى أنه يشكّل العامل الأساسي لتحديد ما إذا كان سيتم تصنيف حزب الله كـ"منظمة إجرامية عابرة للحدود" أم لا، فإن التقرير سيسلط الضوء على الجدل المستعر منذ فترة طويلة بين الوزارات المختلفة، حول كيفية تمييز الأنشطة الإجرامية للحزب.

ومنذ نشأته، يهيمن حزب الله على شبكات عالمية تضم أعضاء وأنصار لتقديم الدعم المالي واللوجستي، وحتى العملياتي في بعض الأحيان. ويتمكن الحزب، خلال هذه الشبكات، من جمع الأموال وشراء الأسلحة والمواد ذات الاستخدام المزدوج، والحصول على وثائق مزورة، وحتى أكثر من ذلك. يذكر أن بعضها شبكات رسمية تديرها عناصر حزب الله على الأرض، وفي لبنان نفسها، إلا أن معظمها تم تنظيمه بشكل متعمد ليكون غير رسمي إلى حد كبير، وتسعى هذه الشبكات إلى إبقاء صلاتها مع الحزب ضبابية من أجل توفير قدر من الإنكار.

وبشكل عام، يميل هذا المشروع الإجرامي لحزب الله إلى أن يكون منظما حول عقد مترابطة بشكل فضفاض، ولا يعتمد على صلات هرمية وصولا إلى سلسلة القيادة.

ولكن يجب ألا يخالجنا أي شك في ذلك: فحزب الله يعمل بشكل واضح كمنظمة إجرامية عابرة للحدود، وتم التأكيد على هذا التقييم مرارا وتكرارا وعلنية، خلال تحقيقات إنفاذ القانون والمحاكم الجنائية.

حزب الله ضالع بعمق في المؤسسات الإجرامية المنظمة، ويدير شبكات غير مشروعة خاصة به، في حين يشارك أيضا في نشاطات تقوم بها كيانات إجرامية أخرى.

ويستند النقاش بين الوكالات الأميركية حول كيفية تصنيف هذه النشاطات على تمييز لا يحدث فرقا كبيرا من الناحية العملية.

ففي بعض الحالات، تقوم عناصر إجرامية في حزب الله بتنفيذ التعليمات التي تحصل عليها مباشرة من مسؤولي الحزب، وفي حالات أخرى، يتشارك أعضاء الحزب أو مؤيدوه عائدات جرائمهم مع "حزب الله" ولكن لا يعملون دائما تحت إشرافه.

وفي الحقيقة، ينظم الحزب أنشطته الإجرامية وعملياته السرية عمدا لتكون مبهمة قدر الإمكان، وبغض النظر عن النموذج المستخدم، يكون الحزب هو المستفيد النهائي.

إضافة إلى ذلك، أدى الارتفاع الأخير في التحقيقات الجنائية إلى تخويف الحزب، ففي خطاب ألقاه في ديسمبر الماضي، نفى الأمين العام للحزب حسن نصر الله نفيا قاطعا الاتهامات القائلة بأن حزبه متورط في الاتجار بالمخدرات وغسل الأموال وجرائم أخرى، متحديا متهمي الحزب بقوله: "أحضروا لي أدلة على ذلك!" وهذا ما تم إنجازه، قضية بعد أخرى، مع الأدلة الوافرة التي قدمتها وكالات إنفاذ القانون الأميركية والأوروبية.

وكجزء من أعمالها المعتادة، تحقق هذه الوكالات في الأنشطة الإجرامية، وبالتالي تتمتع بالنظرة الأفضل للحكم على انخراط أي جماعة في جريمة منظمة عابرة للحدود.