خلال 30 عاما، وقعت كارثتان نوويتان، الأولى: كارثة تشيرنوبيل عام 1986، والثانية: كارثة فوكوشيما عام 2011، تسببتا في أضرار مادية وبشرية واقتصادية وبيئية جسيمة.

ورغم ذلك، تفيد أحدث التقارير أنه يوجد ما يزيد عن 35 دولة نووية، وينتشر في قارات العالم أكثر من 400 مفاعل نووي. ولعل الأمر المهم والخطير في الوقت نفسه يتمثل في تسونامي توطين المفاعلات النووية في الشرق الأوسط.

ورغم محدودية الخشية من أن تُستخدم الطاقة النووية التي ستتشكل في بلاد المنطقة لأغراض عسكرية، بفضل الرقابة التي ستفرضها الوكالة الدولية للطاقة الذرية، فضلا عن أن السلاح النووي هو سلاح يوم القيامة وخيار شمشوني، غير قابل للاستخدام في منطقة إستراتيجية كالشرق الأوسط؛ إلا أن ثمة احتمال في سيطرة جماعات إرهابية على مفاعلات نووية، وقد يتضاءل أمام الرعب الذي يعبر عنه إسرائيليون نتيجة احتمال حدوث "هيروشيما صغيرة"، يتسبب فيها مفاعل ديمونا الذي انتهى عمره الافتراضي منذ عام 1993، إضافة إلى تصدعه والأخطار البيئية لنفاياته.

وبدأت بعض التسربات في الظهور منذ سنوات في منطقة جنوب إسرائيل، بالقرب من صحراء النقب المطلة على الحدود المصرية الإسرائيلية، والتي باتت تهدد مناطق عربية واسعة وعلى رأسها سيناء، لأن تلك التسريبات وصلت إلى المياه الجوفية على حدود مصر وليبيا، إضافة إلى المياه الجوفية في المناطق المجاورة لسيناء خاصة الكرك والطفيلة ومادبا في الأردن.

كما أن الغبار الذري المنبعث من مفاعل ديمونا، والذي يتجه نحو الأردن يمثل خطرا بيئيا وبيولوجيا، ومن المتوقع في حال انفجاره أن يصل الضرر الناتج عنه إلى دائرة نصف قطرها ربما يصل إلى قبرص، وبهذه المسافة نفسها في دائرة حوله.

ويعود بدء العمل بإنشاء مفاعل ديمونا لعام 1957، إذ أقيم على تل يرتفع نحو 183 مترا فوق سطح الأرض، على بعد 14 كيلومترا من مستوطنة ديمونا التي أقيمت فوق أرض بلدة كرنب الفلسطينية، والتي تعود ملكيتها إلى قبائل بدوية تعرف باسم عرب التائهة. كما أن المفاعل مقام في منطقة غير مستقرة جيولوجيا. وكذلك هو حال مركز دفن النفايات الذي يبعد كيلومترا واحدا عن جدار المفاعل.

والموقعان يبعدان عن البحر الميت الواقع على خط الصدع ما يقرب من 15 ميلا. فلذلك من الطبيعي أن يكون الموقعان معرضان لتأثير الزلازل حتى الضعيفة منها. وتؤدي هذه الزلازل إلى تقصير عمر المفاعل.

وربما تصاعدت خلال العقد الأخير من الزمن حملات إعلامية، قادتها جهات إسرائيلية تطالب بإغلاق "ديمونا" أو دفنه. وكانت الدعوى القضائية الأولى ضد السلطات الإسرائيلية قدمت عام 1997 من أقارب الخبير في الكيمياء بروفيسور سعاديا عامنوئيل الذي سبق وأنشأ فيه المختبرات الساخنة داخل المفاعل، ومات بمرض السرطان عن 48 عاما. وقدمت عشرات الدعاوى المشابهة رغم الضغوط والمحاولات السرية لتهديد أصحابها.

وأفادت الصحافة الإسرائيلية بأن مكب النفايات السامة في منطقة "ديمونا" يسبب زيادة في نسبة الوفيات والإصابة بمرض السرطان، الأمر الذي يعني وجود صلة بين الملوثات الناجمة عن النفايات السامة في مكب النفايات رمات حوفيف في "النقب"، وبين النسبة المرتفعة للوفيات والإصابة بالأمراض، وكثرة العيوب الخلقية بين السكان البدو، والإصابة بمرض السرطان لدى النساء اليهوديات في منطقة رمات حوفاف القريبة من المفاعل النووي الإسرائيلي في منطقة ديمونا.

ويقوم مفاعل ناحال سوريك بدفن نفاياته النووية بالقرب من قرية صوريف غربي مدينة الخليل، الأمر الذي أدى إلى تلويث المياه الجوفية في المنطقة.

وقد رفض سكان التجمعات الإسرائيلية اليهودية، منها بلدة بيت شيمش القريبة من مفاعل "ناحال سوريك" وبلدة "عومر" و"عراد" القريبة، دفن هذه النفايات بالقرب منها وقاموا بمظاهرات واحتجاجات ورفع قضايا ضد الحكومة خشية على أرواحهم من هذا المفاعل.

وكان البروفيسور عوزي إيبان، أحد كبار العلماء السابقين في ديمونا، أكد وجود تشققات وتشوهات في مفاعل ديمونا، وأنه غير آمن ويجب إغلاقه أسوة بإغلاق مفاعلات نووية مماثلة في أرجاء مختلفة من العالم، لأسباب أمنية ولتشكيلها خطرا حقيقيا على البيئة.

وتشكل النفايات التي يلفظها مفاعل ديمونا خطرا كبيرا على البيئة والمياه في الشرق الأوسط، يترافق مع نذر انفجار مفاعل ديمونا الذي يعاني موتا سريريا، ولا بد من دفنه.