بعد سنوات من تركه الحكومة بُذلت خلالها محاولات عدة مع هشام ناظر ليكون سفيرا في أي دولة يختارها، اقتنع أخيرا بعد تمنع طويل، وأُسندت إليه سفارة خادم الحرمين الشريفين في القاهرة. ويشير المؤلف في كتابه "هشام ناظر.. سيرة لم ترو" إلى أن الأمير سلطان بن عبدالعزيز التقى ناظر قبل توليه المهمة، وأبلغه أنه سيقترح منحه ميزانية إضافية.








يواصل الزميل تركي الدخيل في كتابه "هشام ناظر.. سيرة لم ترو" رحلته في أروقة حياة ناظر الذي يصفه بالرحالة الذي خدم المملكة في هذا البلد أو ذاك.

ويتناول اليوم ناظر الذي قضى زمنا من عمره متقلبا بين حقيبة وزارية وأخرى، وجامعا بين حقيبتين لزمن ليس بالقصير. والذي خرج من الحكومة عام 1995، بعد أن تقلب في الوزارة قرابة ثلاثة عقود، ثم جاءت مهمة التكليف سفيرا للسعودية قبلة الإسلام، في مصر قلب العروبة.

دعوة وتردد

يروي ناظر قصة تعيينه سفيرا لخادم الحرمين الشريفين في مصر العربية، إلا أنه أراد قبل هذا، الإضاءة بشمعة على طريق التعيـين، فقال:

"في الثاني من أغسطس عام 1995، صدر أمر ملكي بتشكيل حكومة جديدة. مباشرة بعد ذلك، وكما هو الحال عادة، تم تعيين عدد قليل من الوزراء المنتهية ولايتهم مستشارين في الديوان الملكي، وتم تعيين آخرين في سفارات مختلفة في الخارج. يومها، لم يعرض علي أي من المواقع المذكورة، وأنا بدوري لم أكن في وارد طلب أي منها. بعدها، لم يمض وقت طويل قبل أن يبدأ تداول اسمي في معامل الشائعات، وكان منها خبر تعييني سفيرا في ألمانيا أو فرنسا. واقعا، وخلال تلك الفترة، أذكر أن الوزير جميل الحجيلان، الذي كان قد ترك وظيفته سفيرا للمملكة في باريس لتولي منصب الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربي، أسر لي عن حديثه مع الملك سلمان -أمير منطقة الرياض آنذاك- عن احتمال تعييني سفيرا في باريس، وكشف أن الملك سلمان -حفظه الله- أبدى شكوكا في مسألة قبولي بالموقع المذكور من عدمه.

حينها، وعلى ما أذكر، حصل أن اختلطت مشاعري بخصوص الوظيفة الحكومية الجديدة. قبل ذلك، في وقت سابق، دعاني الأمير عبدالعزيز بن سلمان، الذي كان يومها مساعد وزير البترول إلى قبول الترشح لمنصب الأمين العام لمنظمة الدول المصدرة للبترول، فرفضت على الفور. فقد كنت أشعر يومها بأنني خدمت بما فيه الكفاية: فترة ثمانية وثلاثين عاما، قضيت منها ثمانية وعشرين عاما وزيرا، على رأس بعض الوظائف الأكثر قسوة في الحكومة.

على أية حال، وعودة إلى موضوعنا، حصل في الأول من يونيو 2003، أن دعاني الأمير متعب بن عبدالعزيز، وزير الشؤون البلدية حينها، إلى مكتبه في الرياض.  يومها، أسر إلي حديثا خاصا كان قد حصل بينه وبين ولي العهد آنذاك، الملك عبدالله، رحمه الله، انتهى بتأكيدهما أهمية استدعائي للعودة لخدمة البلاد.

ولي العهد، الأمير عبدالله، الذي كان يدير البلاد حينها بسبب مرض الملك فهد، كلف الأمير متعب بن عبدالعزيز، بإبلاغي شخصيا بهذا القرار.

يومها، قال لي الأمير متعب بأن الأمير عبدالله يريد مني أن أعرف مكانتي الخاصة في السعودية، ومكانتي عنده شخصيا، وما استدعائي إلى الخدمة من جديد، بعد ثماني سنوات من التقاعد، إلا دليل واضح على تلك الثقة.  شعرت بأنني لم أكن مستعدا لتلك المناسبة، فقد فاجئني الأمير متعب بالمقابلة، وما دار فيها، ولكني، وبصراحة شديدة، كنت ممتنا جدا، وأعربت عن امتناني بعبارات واضحة لا لبس فيها، ولكنني أشرت إلى صعوبة تبديلي لنمط الحياة الذي تحولت إليه بعد التقاعد.

لم يقتنع الأمير بهذا، ورفض كل الحجج التي سقتها.

افترقنا بعدها، ووعدت الأمير متعب، بأن أنظر في الأمر، بجد وبهدوء.

بدا أن الأمر انتهى هنا، ما حصل بعد ذلك أني في السابع عشر من يونيو 2003، ذهبت لزيارة ولي العهد آنذاك، الملك عبدالله، في مكتبه في جدة، وهي عادة كنت أحافظ على القيام بها كلما زار جدة. يومها، عندما رآني ولي العهد دعاني إلى مكتبه، واستفسر عن أمر حديث الأمير متعب معي، والقرار الذي خرجت به. استمعت له وأعربت له بعد فراغه من الحديث عن امتناني مرة أخرى، وكررت لجنابه الأسباب التي كنت قد قدمتها للأمير متعب، فرفضها مباشرة. بعد سنة تقريبا، وتحديدا بتاريخ 2 مايو 2004، دعاني الأمير سعود الفيصل، وزير الخارجية، رحمه الله، إلى مائدة العشاء في منزله بجدة. خلال الحديث، لم يفوت الأمير فرصة مفاتحتي بموضوع عودتي إلى العمل، مشيرا بوضوح إلى ضرورة حصول ذلك، تاركا لي الخيار لاختيار أية سفارة أريدها في المستقبل، وعارضا علي في حينها شغل موقع السفير في ألمانيا وبلدان أوروبية أخرى، واليابان، والصين، والأمم المتحدة، مع جاهزيته لقبول أي شرط أضعه.  مجددا، أعربت للأمير سعود عن عميق امتناني، طالبا منه إعطائي بعض الوقت للتفكير.

 


قصة التعيين سفيرا

أكمل ناظر في جدة، روايته "في كل مناسبة كان يحصل أن ألتقي فيها ولي العهد آنذاك، الملك عبدالله، بموعد وبغيره، كان يذكر، أكنا أمام حشد أم وحيدين، وجوب عودتي إلى الخدمة. في واحدة من تلك المناسبات والتي كانت في مكتبه، وبتاريخ 19 يونيو 2004 قال لزواره إنني حافظت على صحتي بعد خروجي من الحكومة، ولكنه أضاف بأنني أظهر بعض العناد بخصوص عودتي إلى الخدمة.

يومها، علق الأمير عبدالرحمن بن عبدالعزيز، نائب وزير الدفاع آنذاك، الذي كان حاضرا، قائلا بأنني لن أتردد في الخدمة إذا رأى "ولي العهد"، أن في ذلك مصلحة وطنية تفرض ذلك.

في تلك المدة، كنت أحرص على البقاء على تواصل مع الأمير سعود الفيصل، وزير الخارجية، وكان ذلك يحصل بين الحين والآخر عبر الهاتف.

في تلك المدة، تحدثت والأمير سعود الفيصل عبر الهاتف بتاريخ الثاني من يناير، وفي أثناء الحديث، طلب مني مقابلته في باريس.

ذهبت إلى باريس، والتقيت على مائدة الغداء، مع الأمير سعود الفيصل، بتاريخ الخامس عشر من ذات الشهر.

يومها -وخلال حديثنا- بدا الأمير مصرا على أن أعود إلى العمل، وتحديدا سفيرا للمملكة لدى مصر، وعلل شارحا سبب ذلك، قائلا بأن السياسة الخارجية الغربية، خصوصا الولايات المتحدة، تنذر بفترة من عدم الاستقرار، وربما الاضطرابات في الشرق الأوسط. وتابع الأمير سعود يقول بأن ما يحدث في العراق وفلسطين، والضغوط على إيران وسورية، وكذلك لبنان، هو أمر يدعو إلى التشاؤم، وبأن الشعارات المرفوعة توحي بنفاق ظاهر، ولكن، في طياتها تستبطن غرسا مدمرا.

وتابع الأمير حديثه معتبرا بأن العالم العربي قد يبدأ في إصلاحات سياسية واقتصادية واجتماعية خطيرة، وأن عليه توخي الحذر، والحفاظ على هويته وحماية موارده ومصالحه الاقتصادية، وفي الطليعة من ذلك ستكون المملكة ومصر، اللتان ستعانيان من تغيرات متسارعة، مشددا على أن مصر بالنسبة للمملكة، تتساوى بالأهمية مع الولايات المتحدة، إن لم تكن أكثر أهمية، وبأنه -وولي العهد الأمير عبدالله- يريدان مني التوجه إلى هناك فورا، واستلامي موقع السفير. شعرت يومها بأن الأمير يحدثني وقد اتخذ قراره، وبقي عليّ الموافقة والالتزام.  حينها، شعرت بأن ذهابي إلى القاهرة صار قدرا مقدرا، بالإضافة إلى أنني لم أرغب في خذلان من أحسنوا بي الظن، وعليه، وبتاريخ 15 فبراير 2005، زرت الأمير سعود الفيصل في وزارة الخارجية في الرياض، وأعلمته بأنني سأقبل بالتعيين.

في الأول من مارس لعام 2005 صدر أمر من الملك فهد بن عبدالعزيز -رحمه الله- بتسميتي سفيرا لخادم الحرمين الشريفين لدى مصر.

 


السفارة في مصر

يروي ناظر أنه وقبل انتقاله إلى مصر، كان العالم العربي والإسلامي يمر بواحدة من أصعب أيامه، من لبنان إلى العراق، ومن فلسطين إلى مصر.

ففي فلسطين، تجاهل تام من قبل المجتمع الدولي، وقتل يومي وتهجير.

وفي العراق، قتل يومي أيضا، وتدمير ممنهج.

وفي سورية وإيران ضغط عليهما كان قد بدأ بعد إعادة انتخاب جورج بوش الابن، لولاية ثانية في نوفمبر 2004.

أما لبنان فحصل حادث خطير فيها بتاريخ 14 فبراير 2005، هز سلام البلد والمنطقة، ألا وهو اغتيال الرئيس رفيق الحريري، رئيس الوزراء الأسبق. اتهم النظام السوري باغتيال الحريري، وأنشئت لجنة تحقيق دولية، وحصل ضغط دولي نادى بتطبيق القرارات الدولية التي طالبت بانسحاب الجيش السوري من لبنان، ونزع سلاح ميليشيات "حزب الله".

أما المشهد المصري، على ما يتابع هشام، فقد "كان مليئا بما يكفي من الإثارة أيضا":

"بتاريخ 26 فبراير 2005، فاجأ الرئيس السابق حسني مبارك مصر والعالم بإعلانه الاقتراح على مجلس الشعب تعديل المادة الـ76 من الدستور. بدأت مصر في تلك الفترة تثور وتهيج بتظاهرات طلبة الجامعات مرددين شعارهم "كفاية"، في إشارة إلى احتمال تمديد الرئيس مبارك لفترته الرئاسية لمدة ست سنوات إضافية.

بتاريخ 10 مايو 2005، صوت مجلس الشعب على تعديل الدستور، سامحا بتعدد المرشحين في الانتخابات الرئاسية. 405 صوتوا بالإيجاب، فيما كانت الأصوات المعارضة 34 صوتا فقط، وامتنع ثلاثة أعضاء من أصل 454 عضوا.

 


اجتماع مع الأمير سلطان

يقول ناظر: "بالعودة إلى السعودية، وبتاريخ 7 مايو 2005، ذهبت لرؤية الأمير سلطان -رحمه الله- النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء، وزير الدفاع والطيران، حينها في مكتبه في الرياض. استقبلني الأمير بحرارة ظاهرة.

قلت له بأن زيارتي تأتي لبحث مهمتي سفيرا للمملكة في مصر، ولأستمع لما لديه من توجيهات، إن وجدت.

بدأ الأمير بطرح أفكاره، وكانت أفكارا منظمة ومنسقة، فأشار إلى أن القضية الأهم لديه، هي قضية المواطنين السعوديين الذين يعيشون في مصر، وضرورة معرفة أعدادهم، مقسما إياهم إلى فئات ثلاث:

1ـ الفئة الأولى: تضم المواطنين السعوديين الذين يعيشون هناك، وهم بحاجة ماسة إلى المساعدة بسبب الفقر الناجم عن أسباب مختلفة.

2 - الفئة الثانية: تضم المعترضين على الحكومة لأسباب معروفة، وغير معروفة. هذه الفئة يجب العمل على إعادتها إلى التيار الوطني.

3 - الفئة الثالثة: تضم الذين يذهبون لقضاء إجازاتهم، ومنهم من يخالف قوانين تلك البلاد، وتجب معاملتهم وفق ما يقتضيه القانون.

تابع الأمير سلطان مضيفا، بأنه لو أريد من السفير القيام بهذه المهام، بالإضافة إلى مهامه الديبلوماسية والسياسية، فيجب حينئذ رفده بالدعم اللازم من أعلى المواقع في السعودية. وأشار إلى أنه قال لولي العهد، بعدما تم طرح اسمي، إن الحكومة لو قررت إرسال سفير عادي إلى مصر، فعليها اختيار أحد غير هشام، أما إذا كان قرارها اختيار هشام، فيتوجب عليها حينئذ دعمه بما يتناسب مع موقعه. وتابع الأمير سلطان ناقلا إلي حديثه مع ولي العهد آنذاك، الأمير عبدالله، أنه قال له بأن أدائي منذ خرجت من الحكومة، بقي مشرفا كما لو أنني لم أخرج منها، وبأن أحدا لم يسمع مني ما يسيء أو يظهر أية مرارة، وعليه، فإن دعما سخيا يجب أن يقدم إليّ، مضيفا إلى أنه سيقترح إعطائي ميزانية إضافية لا تقل عن 300 ألف دولار شهريا لتكون تحت تصرفي لغرض تغطية النفقات.

في السابع من يوليو لعام 2005 أمر الأمير سعود الفيصل وزير الخارجية، بتعييني سفيرا في وزارة الخارجية بمفعول رجعي لتاريخ الأول من مارس 2005 (الراتب الأساسي 16300 ريال بالإضافة إلى 15% من بداية شهر رمضان المبارك، ليصل الراتب إلى 18745 ريالا، بالإضافة إلى مبلغ 9750 بدل الخارجية، ليصبح إجمالي الراتب 28495 ريالا".

 


من مصر وإليها

سافر هشام ناظر، وقال عن تلك الفترة "بتاريخ 24 أكتوبر 2005 ذهبت إلى مكة المكرمة، لوداع الملك عبدالله، وولي عهده الأمير سلطان، رحمهما الله.

كان علي تقديم تاريخ مغادرتي إلى تاريخ السابع من نوفمبر بسبب رحلة ولي العهد التي كانت مقررة في 15 نوفمبر 2005 لمقابلة الرئيس حسني مبارك.

آنذاك نصحني الملك عبدالله باختيار الموظفين المناسبين لمساعدتي في أداء مهمتي الآتية، مشددا على اختياري مساعدا مؤهلا يستطيع التعامل مع المشاكل التي تحصل من قبل بعض السعوديين، مقيمين كانوا أم زوارا. وفيما يتعلق بالعلاقة مع مصر، أكد الملك عبدالله على ضرورة العمل بشكل وثيق مع الرئيس حسني مبارك.

حينذاك، أمر ولي العهد الأمير سلطان، بأن تقوم طائرة خاصة بنقلي وعائلتي إلى القاهرة.

 


لقاءات وزيارات


ترك وصولي إلى القاهرة، أثرا خاصا في مسيرتي الديبلوماسية.

لاحظت، حينها، تساؤل المصريين عن الأسباب التي جعلت من سفير خادم الحرمين الشريفين يأخذ قرابة الأشهر الخمسة لاستلامه مهامه في مصر، مضافا إلى سماعي شائعات تحدثت عن عدم اهتمامي بالمنصب الموكل إليّ. إلا أن ذلك لم يمنعني، وفور وصولي، من بدء زيارة المسؤولين، دون الانتظار لحين تقديم أوراق اعتمادي إلى رئيس الجمهورية، كما تقتضيه الأعراف الديبلوماسية عادة.

وبالفعل، حصل ما كنت قد رتبت له مسبقا، وهو زيارة وزير الخارجية، أحمد أبو الغيط، ووزير الدفاع، المشير محمد طنطاوي، ورئيس مجلس الشعب، أحمد فتحي سرور، بتاريخ الثامن من نوفمبر 2005، وفي اليوم التالي زرت محافظ الجيزة، فتحي سعد، ووزير البترول، سامح فهمي، ووزير السياحة، أحمد المغربي. وفي العاشر من ذات الشهر، زرت كلا من رئيس الاستخبارات، عمر سليمان، ورئيس الوزراء أحمد نظيف.

كان الاجتماع الذي حصل مع رئيس الاستخبارات الراحل عمر سليمان مهما، إذ أضاء لي الكثير من القضايا، وافتتح اجتماعنا بالقول بأن مصر والسعودية يعملان معا لتجنيب المنطقة كثيرا من المخاطر التي تظهر بين وقت وآخر. وتطرق سليمان إلى بشار الأسد، قائلا بأنه وجه إليه النصح بالامتناع عن تحدي الولايات المتحدة، وأن الصراع بين لبنان وسورية سيؤدي إلى تعريض البلدين للخطر والمنطقة عموما. وتابع سليمان قائلا: بأنه نصح الأسد أيضا بضرورة الإعلان المستمر عن دعمه للسلام في الشرق الأوسط، ودعمه السلطة الفلسطينية ورئيسها محمود عباس، إذ إن ذلك من شأنه بعث رسالة إلى الولايات المتحدة تقول بأن سورية تدعم عملية السلام، كما نصحه، على حد قول سليمان، بعدم المناورة بخصوص تنفيذ قرار مجلس الأمن 1636، المتعلق بالتحقيق في اغتيال رئيس الوزراء اللبناني الأسبق رفيق الحريري، وبأن موقفه يجب أن يكون على قدر من الشفافية والوضوح بما يرضي سورية ولبنان والمجتمع الدولي، ونصحه كذلك بالسيطرة على حدوده مع العراق لمنع عبور المقاتلين. وكشف عمر سليمان خلال اجتماعنا، بأن الأسد في موقف لا يحسد عليه، متحدثا عن احتمال تورط أخيه ماهر، وصهره آصف شوكت، ورستم غزالة رئيس الاستخبارات السورية الأسبق في بيروت، في عملية اغتيال رفيق الحريري.

 


مخالفة السائد

ولكن أي الأحداث هي الأكثر أهمية في بداية مهمة هشام ناظر في مصر؟! يجيب: في 15 نوفمبر 2005 زار ولي العهد السعودي الأمير سلطان بن عبدالعزيز، رحمه الله، مصر زيارة رسمية، بناء على دعوة شخصية من الرئيس مبارك، وكان في استقباله في المطار، رئيس الوزراء أحمد نظيف، ووزراء آخرون، وانتقل بعدها إلى مائدة عشاء خاصة مع الرئيس أقيمت على شرفه.

كانت تلك الزيارة ناجحة بكل المعايير، وهي كانت الأولى خارج البلاد للأمير سلطان بعد تعيينه وليا للعهد في السعودية. إلا أن الملفت يومها، والمثير للإعجاب أيضا، كان الأداء الشخصي لولي العهد. كنت رتبت للأمير لقاء مع الطالبات والطلاب السعوديين، وهو لقاء، كان كرم الأمير خلاله ملفتا للأنظار. استمع الأمير سلطان للطلاب، وأظهر تعاطفا ملفتا مع احتياجاتهم، وأمر بدعم شخصي سنوي لناديهم بقيمة مليوني دولار أميركي، وبدعم سنوي إضافي قيمته مليونا دولار أيضا، وذلك لدعم الطلاب الذين يتم تمويلهم من قبل عائلاتهم (كان عندهم 4000 طالب)، لحين تمام دفع هذا التمويل من قبل الحكومة، كما أمر ولي العهد آنذاك، بتقديم هدية مالية شخصية منه لجميع الموظفين السعوديين في مصر، وذلك بمناسبة زيارته.

في أثناء الزيارة، أقمت لولي العهد مأدبة عشاء لا تنسى في فندق ريجنسي حياة، حضرها نحو 600 مدعو، بينهم رئيس الوزراء، ووزراء آخرون، وصحفيون، ورجال أعمال، ومواطنون سعوديون مقيمون في مصر، من الجنسين، أي من النساء والرجال. ليلتها، وأثناء العشاء، عزفت الموسيقى، وهو أمر كان يحصل للمرة الأولى في تاريخ السفارة السعودية. استمع ولي العهد بعد العشاء لأحلام ومشاكل المرأة السعودية، وغادر مصر إلى الوطن في 20 نوفمبر 2005.


الاعتماد: أخيرا حصلنا عليك

بتاريخ 13 نوفمبر 2005 قدمت أوراق اعتمادي للرئيس السابق محمد حسني مبارك، وكان، بالنسبة إلي، حفلا لا ينسى، إذ حصل يومها أن تسعة سفراء، بما في ذلك سفير الولايات المتحدة ريتشارد دوني (ريكاردون)، والسفير الفرنسي، والسفير الهندي، والسفير الفلسطيني، حضروا ذلك الحفل، ومنهم من كان ينتظر لمدة تصل إلى ثلاثة أشهر لتقديم أوراق اعتماده. أذكر وقبل بدء مراسيم الاحتفال، أن بروتوكول الرئاسة المصرية أعلمني عن مكان الوقوف أثناء الاحتفال وما يجب قوله، ولكن حصل خلاف ذلك تماما، وذهب البروتوكول أدراج الرياح، إذ إن الرئيس مبارك، وبمجرد رؤيته لي، حياني بحرارة بكلتا يديه قائلا: "أخيرا حصلنا عليك".