لا معنى لأن يطلق المتمردون الحوثيون مقذوفات نارية على المدن الحدودية بين اليمن والمملكة بشكل عشوائي، إلا لهدف واحد، وهو محاولة جر المملكة إلى مواجهة مباشرة مع ميليشيات متمردة وخارجة عن القانون، انقلبت على النظام والدولة والحكم، وحاصرت رئيسا منتخبا، وضربته بالطائرات قبل أن يستنجد بإخوانه وأشقائه في الدول العربية، وبالمملكة على وجه التحديد، لردع تلك الجماعات.

الحرب التي تخوضها قوات التحالف بقيادة المملكة العربية السعودية اليوم في اليمن، جاءت لسبب رئيسي واحد، يتمثل في استعادة الشرعية للرئيس المنتخب، وشهد على ذلك العالم أجمع، بيد أن تلك الميليشيات تسعى جاهدة إلى عكس المعادلة، وجعل المملكة طرفا مباشرا في هذه الحرب، من خلال الاستفزازات التي تقوم بها، وآخرها المقذوفات التي تطلقها على التجمعات البشرية لسكان المدن الحدودية.

المعركة لم تبدأ بعد، ويجب أن يدرك الحوثيون أن المملكة متى ما اختارت المواجهة المباشرة مع تلك الجماعات، فإن شكل المعركة سيتغير، كون من يسيّر المعارك الآن على الجبهات الداخلية، هم ضباط وأفراد الجيش اليمني، وهم إما من المناوئين لنظام صالح أو المنشقين عنه.

يصور الحوثيون للعالم معارك وهمية، وبطولات هي في الأساس مجرد اختراقات على الحدود لعصابات لا تستغرق أكثر من تلك الدقائق التي يتم فيها تصوير المقطع، ريثما يتم التعامل وبقوة مع تلك الميليشيات وردعها عبر الوحدات المختصة في قواتنا المرابطة على الحدود.

في حالات عديدة لتلك الاختراقات التي تقوم بها الميليشيات المتمردة، تنقل لنا العدسات مناظر مؤلمة عن النهاية لتلك المحاولات، وهي ضرورة حتمية لحماية الحدود، كما هو متعارف عليه، ويبدو أن لدى الانقلابين مزيدا من الضحايا لا يتورعون عن إرسالهم إلى المصير المحتوم في تلك المناطق.

لا معنى لأن يحرك الحوثيون وحلفاؤهم مسيرات في العاصمة المحتلة صنعاء، لأن صنعاء أصبحت أسيرة ومكبلة بقيود تلك الجماعات بقوة السلاح، وفي الوقت ذاته تشهد المناطق اليمنية الأخرى تقدما كبيرا في صفوف المقاومة، وعلى وجه التحديد جبهة تعز التي أوشك أبطالها على فك الحصار عن محيط المدينة بالكامل.

في الجنوب، تعمل خلايا تحالف "الحوثي صالح" بمختلف المسميات لإرباك المشهد الداخلي تارة تحت غطاء "القاعدة"، وأخرى بعباءة الحراك، فنجد أن عمليات الاغتيالات ما زالت مستمرة، رغم تحرير المدينة منذ أكثر من عام، إلا أن المدينة لم يستتب فيها الأمن رغم الجهود الحثيثة التي تبذلها دول التحالف هناك.

التحالف الحوثي الصالحي يلفظ أنفاسه الأخيرة بإطلاق المقذوفات عشوائيا على المدنيين في نجران وجازان، هذا هو الاستنتاج الأخير لكل المشاهد السابقة، والذي يقودنا بطبيعة الحال إلى ضرورة التأكيد على دعم كل الجهود التي تقودها قوات التحالف العربي بقيادة المملكة في اليمن، مع تحمل بعض التبعات التي تبدو طبيعية في ظروف كهذه، من مواجهة مع ميليشيات وعصابات وليس مع جيش نظامي.

كما يجدر التذكير بأنه لولا التدخل الصارم لرجال الحسم والعزم، لكان لتلك الجماعات ومن يقف خلفها، وبالتحديد في نظام طهران، خطر كبير على الحدود، ولنا أن نتخيل كيف سيكون الوضع لو أن المملكة وقفت مكتوفة الأيدي أمام ما صنعته الميليشيات الانقلابية، وما كانت تخطط له كذراع مباشرة لإيران في اليمن.

الخلود لشهدائنا الأبطال الذين يقدمون الرخيص والغالي في سبيل رفعة الوطن ومجده وعزه وكرامته، وسيسطر التاريخ تضحياتهم العظيمة ومعاركهم الباسلة، وستظل راية الوطن عالية وخفاقة رغم كل المؤامرات التي يحيكها أعداء الوطن والأمة.