قد لا يفهم البعض أن اقتصادات الصحة هي المخطط الإستراتيجي والاستثماري لوزارة الصحة ودورها مهم جدا في سوق الرعاية الصحية العالمية، ولا أعلم لماذا استكثر البعض على وزارة الصحة تطبيق هذا النظام في استقطاع تكلفة العلاج من الشخص المتسبب بالحادث، على رغم أحقية الوزارة به منذ صدور وثيقة التأمين الإلزامي للمركبات عام 1427 من قبل مؤسسة النقد، وهذا لا يعني أن مستشفيات وزارة الصحة لن تعالج المصاب، بل ستعالجه وتقدم له الخدمات الصحية الكاملة حتى خروجه، حينها ستبدأ مهمة إدارة المستشفى في متابعة طلب استقطاع التكلفة العلاجية من الشخص المتسبب في الحادث بحسب نسبة الخطأ المقدرة.

وأستغرب كثيرا ممن يعتقد بأن مستشفيات الصحة بالمملكة لن تستقبل الحالات المصابة في الحوادث بعد هذا القرار، فبدؤوا بالتهكم في هذا الأمر، وهذه نتيجة طبيعية جدا لمن لا يبحث ويستقصي، وكما قال أحد علماء هذا الكون "أعظم عدو للمعرفة ليس الجهل، وإنما وهم المعرفة"، وهذا ما نلمسه في الغالب في أوساطنا الاجتماعية وهم المعرفة، وذلك بالضرورة سيقودنا إلى أحكام غير منطقية على الإطلاق.

أما الحديث عن أن هذا القرار قد يزيد من أسعار التأمين الإلزامي، فليس لوزارة الصحة شأن بذلك، فهي بقوة النظام ستحصل على المبلغ، ومؤسسة النقد هي المسؤول الأول عن مراقبة التأمين التعاوني، فحري بنا أن نطالبها بضبط سوق التأمين.

اقتصادات الصحة بالمملكة يجب أن تنهض بسوق الخدمات الصحية من خلال الموارد المتاحة، وقد فشلت في ظل الوضع السابق والحالي في تحقيق كفاءة تخصيص الموارد، وهذا يعود إلى عدة أسباب أهمها أنها لم تستطع خلق سوق خدمات صحية تنافسي، وكما أن معظم المستشفيات الحكومية لا تعتمد على حافز الدعم والربح، وكذلك عدم تطابق وتجانس تقديم الخدمات الصحية بين المستشفيات الحكومية والخاصة الكبرى، لذلك نجد تقنيات إنتاج الخدمات الصحية رديئة، وربما أيضا لم نهتم كثيرا بمحددات الطلب والعرض في الخدمات الصحية، كل ذلك شأن اقتصادات الصحة التي سمعنا بها.