فيما أعلنت موسكو أنها ستواصل نقل منظوماتها الصاروخية من طراز "إسكندر-إم" القادرة على حمل أسلحة نووية إلى محافظة كالينينجراد على الحدود البولندية والليتوانية، صرحت مصادر قريبة من حلف الناتو في بروكسل أنه من المرتقب أن يبحث وزراء دفاع دول الحلف، خلال لقائهم في 26-27 أكتوبر الجاري، الوضع المتعلق بهذه الخطوات الروسية. كما سيبحثون أيضا نشاطات روسيا في سورية.

وكثفت تقارير أمنية وعسكرية أوروبية تركيزها على "حرب باردة حقيقية" تدور في منطقة البلطيق "إستونيا ولاتفيا وليتوانيا" وفي دول أوروبا الشرقية بين روسيا من جهة وبين الولايات المتحدة وحلف الناتو من جهة أخرى، وخاصة بعد نشر عناصر الدرع الصاروخية الأميركية في رومانيا والإعداد لنشرها في بولندا بحلول عام 2018. الأمر الذي أثار قلق الأوساط العسكرية والأمنية في روسيا.

وعدت موسكو تصريحات الأمين العام لحف الناتو ينس ستولتنبرج تكتيكا لتخويف روسيا، وبالذات في ما يتعلق بنية الحلف نشر أسلحة نووية جديدة في أوروبا، وتعزيز بنيته التحتية العسكرية في شرق أوروبا. إذ أعلن الحلف عن نيته نشر وحدات عسكرية في قواعده القريبة من الحدود الروسية في دول البلطيق، وكذلك نشر عناصر الدرع الصاروخية في رومانيا وبولندا.




تنامي التوتر

علق نائب رئيس هيئة الأركان الروسية، الجنرال فيكتور بوزنيخر، بأنه "عمليا سيكون كامل الجزء الأوروبي من روسيا تحت مرمى الصواريخ الأميركية المجنحة". ولكن حلف الناتو أكد أن نشر منظومات "إسكندر"، التي اعتبرها مزودة بصواريخ "نووية"، يؤدي إلى تنامي التوتر في المنطقة، حيث بدأ تسليح القوات الروسية بها عام 2006. ويبلغ مدى هذه المنظومة 500 كيلومتر، وتقوم بإطلاق صواريخ يتم التحكم بها طوال مسارها.

وعدت دوائر عسكرية روسية أنه من المستبعد أن تكون كلمات ستولتينبرج قد جاءت مصادفة بعد إعلان إدارة الأمن النووي الأميركية التابعة لوزارة الطاقة عن نجاح اختبار القنبلة النووية الموجهة "B61" الذي أجرته القوات الجوية الأميركية في ميدان تونوب في ولاية نيفادا. وأعلنت إدارة الأمن النووي أن هذه الأسلحة سوف تنشر في قواعد الناتو المنتشرة في أوروبا بحلول عام 2020. مما سيرفع من قدرة الحلف القتالية ردا على "عدوانية روسيا".


تحديث نووي أوروبا

ووفق رئيس مركز التحليل السياسي أليكسي موخين، فإن تحديث السلاح النووي التكتيكي في أوروبا، وإنتاج الولايات المتحدة قنابل جديدة يرافقهما إنشاء قواعد عسكرية جديدة على مقربة من الحدود الروسية هي "مشكلة تدركها الولايات المتحدة جيدا وتحاول بواسطتها التحكم بالحلف عن طريق التصعيد بشأن الخطر الخارجي. ولمعرفتها بأن مكافحة الإرهاب بالنسبة إلى الناتو هي مهمة صعبة جدا، فهي تعود إلى الحديث عن الخطر الروسي".

وأشار الخبير الروسي إلى تصريحات مدير المعلومات الخاصة بالمجال النووي في اتحاد العلماء الأميركيين هانس كريستينسن، الذي كان قد أكد على أن إدارة الأمن النووي تعمل على إنتاج أول قنبلة موجهة تسقط حرة" لاستخدامها في طائرات "إف-35" التي يخطط لدخولها الخدمة عام 2020 في دول البلطيق.

وتقطع هذه الطائرات المسافة من دول البلطيق إلى موسكو وسان بطرسبورج في دقائق. لذلك أشار نائب وزير الدفاع الروسي أناتولي أنطونوف إلى أن لقنابل "B61-12" غرضين: حيث يمكن استخدامها كعنصر في هجمات إستراتيجية بواسطة القاذفات الثقيلة، أو باستخدام طائرات تكتيكية. وهذه الخطط بحسب رأيه "استفزازية وتتعارض مع تعهدات واشنطن بالسعي لنزع السلاح النووي بصورة تامة".


قواعد كوبا وفيتنام

وحسب مراقبين فإن هذا التصعيد من الجانبين دفع القيادة الروسية إلى الإعلان عن إمكانية العودة إلى قواعدها العسكرية في كوبا وفيتنام، والتي كان قد أغلقها الرئيس الروسي بوتين لدى وصوله إلى السلطة في مطلع الألفية الثالثة. ومن ضمن الإجراءات الروسية المضادة تحديث منظومات الدفاع الجوي والمضادة للصواريخ في الاتجاه الغربي الإستراتيجي.

وقال الخبير العسكري يوري نيتكاتشيف "إذا ظهرت مقاتلاتنا وقاذفات القنابل الروسية في كوبا، فسوف يقلق ذلك واشنطن، خاصة أنها ستقطع المسافة إلى الأراضي الأميركية في زمن قصير. وهذا الأمر سيجبر الأميركيين على التفاوض من أجل تخفيف الخطر كما في منطقة البلطيق كذلك في الكاريبي". وبحسب رأيه "فإن ظهور قاعدة عسكرية روسية بالقرب من الحدود الأميركية فكرة رائعة".

من جهة أخرى، أعلن وزير الخارجية الأميركي، جون كيري أن الولايات المتحدة تدعو روسيا إلى "العودة للتقيد" باتفاقية التخلص من الصواريخ متوسطة وقصيرة المدى. والتي هددت روسيا بالخروج منها في حال لم تقم الولايات المتحدة بعدة إجراءات أو تنفيذ بعض الشروط الروسية المرتبطة بالتسليح.