على كل مسؤول أن يعلم مكانة قطاعنا الخاص، الذي جاء على رأس أولويات رؤية المملكة، وورد ذِكْره في برنامج التحول الوطني 61 مرة، وتحددت مشاركاته الفعالة في 543 مبادرة، وذلك بهدف تعميق حجم اقتصادنا وتوطين وظائف أجيالنا وتخفيف اعتمادنا على النفط ونقل مرتبتنا كأكبر اقتصاد في العالم من المركز 19 إلى المرتبة 15.

وللتأكيد على أهميته القصوى في نجاح رؤيتنا الطموحة وبرنامجها المميز تقرر دعم قطاعنا الخاص وتشجيعه لرفع نسبة مساهمته في الناتج المحلي الإجمالي من 40% إلى 65%، وزيادة استثماراته من 3.8% إلى 5.7%، وتعظيم قيمة صادراته غير النفطية من 185 إلى 330 مليار ريال بحلول عام 2020.

ولعل القائمين على رؤيتنا الطموحة وأهداف برامجها المميزة يشاركونني الرأي بأن هذه المؤشرات والأرقام لن تتحقق إلا إذا مارس المسؤول صلاحياته بأمانة وتفان وإخلاص، ولن تثمر نتائجها إلا إذا اقتنع المسؤول بفتح بابه وعقله وقلبه أمام تدفق استثماراتنا المحلية، ولن تؤدي أغراضها إلا إذا سعى المسؤول لرفع سمعة شركاتنا الوطنية ومساندة أبنائها ودعم خطواتها.

لذا على كل مسؤول في قطاعنا الصناعي، يسعى لتفضيل المنتجات الأجنبية على منتجاتنا الوطنية، أن يعلم أنه يتصارع مع أهداف رؤيتنا الطموحة ويتهافت على تخفيض نسبة مساهمة صناعتنا المحلية في اقتصادنا الوطني إلى أقل من11%، في الوقت الذي فاقت هذه النسبة 27% في ماليزيا و22% في الفلبين و19% في دولة الكاميرون الإفريقية، و18% في كل من تونس وجنوب إفريقيا، و16% في المغرب، و15% في السنغال.

وعلى كل مسؤول في قطاعنا التجاري، يشكك في قدرات منشآتنا الصغيرة والمتوسطة بسبب حداثة عهدها ويتمادى في تشجيع الشركات الكبرى فقط بسبب عراقة تاريخها، أن يعلم أنه يسعى لإحباط أهداف رؤيتنا، ويسهم في تراجع نسبة مساهمة هذه المنشآت في ناتجنا المحلي الإجمالي إلى أقل من 20%، بدلاً من رفعها إلى 35% كما حددته أهداف برنامج التحول الوطني، لكي تتقارب مع المعدل العالمي الذي حقق 46%، وتتنافس مع المعدلات الأخرى التي فاقت 95% في كوريا الجنوبية و97%في اليابان و68% في تايلند والبرازيل والأرجنتين.

وعلى كل مسؤول في قطاعنا الزراعي، يقف اليوم ضد أهداف أمننا الغذائي ومستقبل صحة أجيالنا، أن يعلم أنه يسعى لتلاشي مخزوننا الإستراتيجي وزيادة اعتمادنا على الغذاء الخارجي، وينادي بتخفيض نسبة إنتاجنا من 42% إلى 35% بدلاً من رفعها إلى 60% من حجم السوق الاستهلاكي المحلي كما جاء في برنامج التحول الوطني.

وعلى كل مسؤول في قطاعنا الصحي، لا يؤمن بمزايا التأمين الطبي ولا يراعي جهود شركات خدماتنا الطبية، أن يعلم أنه يعارض تنفيذ السجل الطبي الرقمي الموحد ورفع نسبة المشمولين إلى 70% في عام 2020، ويسهم في تراجع استثمارات قطاعنا الخاص في الرعاية الصحية إلى 20% بدلاً من تشجيعها وزيادتها إلى 35% خلال السنوات الخمس القادمة، ويهدد طموحات برنامج التحول الوطني الهادفة لرفع نسبة العاملين السعوديين المؤهلين في التمريض والفئات الطبية المساعدة من 70 إلى 150 لكل 100,000 من سكان المملكة.

وعلى كل مسؤول في قطاعاتنا التنموية، يسيء فهم معنى توطين وظائفنا ويسعى للحد من توسع أعمال شركاتنا ومؤسساتنا، ويستخدم صلاحياته لتعقيد معاملاتنا وتشريد استثماراتنا، أن يعلم أنه يضرب بعرض الحائط أهداف رؤيتنا المستقبلية الرامية إلى زيادة نسبة توليد الوظائف في قطاعنا الخاص بمعدل 3 أضعاف مستوياتها الحالية، وذلك لمواجهة التزايد المتوقع في حجم سوق العمالة الذي سيفوق 10 ملايين بحلول عام 2030. وعلى هذا المسؤول أن يقتنع بأن التمادي في عدم تشجيع قطاعنا الخاص سيؤدي حتماً إلى ارتفاع نسبة البطالة إلى 15% بدلاً من تخفيضها إلى 7%، وتراجع نسبة مشاركتنا الوطنية في القوى العاملة إلى 23% بدلاً من زيادتها إلى 60%، مما يزيد من نسبة إحلال الأجانب في وظائفنا إلى 55% بدلاً من تخفيضها إلى 26% كما جاء في أهداف برنامج التحول الوطني.

وعلى كل مسؤول في قطاع الخدمات اللوجستية، يتبارى في استخدام موقعه لتشويه سمعة استثماراتنا وكيل اتهاماته على شركاتنا دون دليل دامغ، أن يعلم أن مبادئ رؤيتنا المستقبلية وأهداف برنامجنا الوطني الطموح جاءت لتطالبه بضرورة تشجيع الشراكة العادلة بين القطاعين العام والخاص في مختلف الخدمات عامة وقطاع النفط والغاز خاصةً، وذلك لتسهيل تدفق استثماراتنا وزيادة تنافسيتها دولياً ورفع نسبة محتواها المحلي من 40% إلى 75%. ولكي تتقدم المملكة في مؤشر أداء الخدمات اللوجستية من المرتبة 49 إلى المرتبة 25 عالمياً والأولى إقليمياً، على هذا المسؤول أن يعلم أن رؤية المملكة عازمة على تعديل الأنظمة لتشجيع مشاركة قطاعنا الخاص في هذه الخدمات، وتهيئة قدراتنا لإنفاذ عقود شركاتنا الوطنية، حتى نتمكن من إنشاء أفضل موانئ تصدير منتجاتنا البترولية وأعظم مستودعات منتجاتنا النفطية والتعدينية، ليسهم قطاعنا الخاص في تنويع مصادر دخلنا، كما هو قائم في موانئ "روتردام" و"سنغافورة" و"الفجيرة" التي لا تملك ذرة نفط أو غاز.

وأخيراً على كل مسؤول أن يقتنع بأن قطاعنا الخاص هو الخيار التنموي الوحيد، الذي يحقق طموحاتنا ويثري اقتصادنا ويبعث الأمل في مستقبل أبنائنا واعتمادنا على ذاتنا، وهو الذي سيفتح المجال أمامنا لتدوير خيراتنا وتصنيع احتياجاتنا وتوفير وظائف مواطنينا ومضاعفة عوائد صادراتنا وحماية وطننا من تقلبات الدهر.