على مر التاريخ كانت المملكة العربية السعودية ولا زالت الداعم الرئيسي والمساند لمعظم شعوب المنطقة العربية من الإخوة والأشقاء والأصدقاء، بيد أن هذا الدعم لم يحقق النتائج المرجوة منه بعد سنوات طوال من ضخ المساعدات المختلفة، وفي اعتقادي أن السبب الرئيسي لذلك يعود إلى بعض حكام تلك البلدان، ولنا في الجار العاصي المخلوع علي صالح خير مثال.

ملايين من الدولارات ضختها المملكة لدعم الشعب اليمني العزيز والحر منذ سنوات طوال، وها هو الشعب اليمني اليوم يبحث عن تلك الأموال في خزائن صالح الذي اكتنز تلك الأموال "خفية" لقتل أبناء شعبه ولرد الجميل لبلد أعاده للحياة بعد أن أُحرق في تفجير مسجد الرئاسة عام 2011.

وعلى شاكلة صالح مضى الكثير من مسؤولي الحكومات والدول في عدد من البلدان، وربما لو قدر لهم أن يفعلوا أكثر مما يبيتونه اليوم من مكر وخديعة لفعلوا دون تردد، وهو ما يؤكد الحاجة الملحة لإعادة النظر في آلية دعم تلك الدول من خلال الاستثمار في الشعوب وتوجيه كل الدعم لها بعيدا عن أيدي الزعامات والقيادات.

في بلدان كثيرة أنشأ الهلال الأحمر الإيراني مستشفيات ومونها وعمل على تسويق أفكاره الهدامة عبرها، ولو عدنا لنفتش عن بدايات التواجد الإيراني في الكثير من البلدان لوجدناها عبر تلك الاستثمارات التي وجهت لخدمة مواطني تلك البلدان بهدف التأثير فيهم عبر خطة طويلة الأمد، وبقي الناس يتذكرون تلك الأعمال على مر سنوات طوال وحتى اللحظة.

في سورية واليمن والعراق ولبنان مراكز خدمية مولتها إيران وعملت على رفدها وتطويرها حتى بكوادر إيرانية عملت لسنوات طوال في تلك البلدان، ووجهت لها آلاتها الإعلامية بصورة كبيرة وعملت من خلالها على إظهار إيران ذلك البلد الداعم والمساند لمواطني تلك البلدان، لصرف النظر عن الأجندة الحقيقية التي يحملها القائمون على النظام الفارسي هناك في العاصمة الإيرانية طهران.

لا شك أن ما قدمته المملكة للعديد من الدول يفوق تلك العطايا الإيرانية كما ونوعا، إلا أن ذلك الدعم صب في قنوات لا تتصل بحاجة تلك الشعوب، بل التقطته أياد خفية سخرته لمصالحها الشخصية، وكونت ثروات طائلة نافست بها كبار رؤوس الأموال في العالم، وبقيت الشعوب تندب حظها بسبب أولئك الفاسدين!

لا زلت أتذكر جيدا حجم المبالغ التي دعمت بها المملكة العديد من الدول، وأتساءل بحسرة ماذا لو كرست تلك الأموال لخدمة الشعوب، وتوفير المتطلبات الأساسية التي تمس المواطنين، سواء في المرافق الخدمية أو البنى التحتية؟ ماذا كان سيكون حال تلك الشعوب اليوم وهي ترى كل تلك المشاريع حاضرة بقوة تحكي عن دور سعودي رائد في خدمة تلك الشعوب، وفي ظروف مثل التي تعيشها المنطقة حاليا؟

هناك من سيقول إن تلك المبالغ وجهت لدعم مشاريع خدمية، لأعود وأكرر بأن آلية الدعم لا بد أن تكون متناسبة مع ما يقدم لأجلها، وتحت إشراف من قبل المملكة لأي مشاريع، بعيدا عن تسليمها للقادة أو رؤساء الحكومات.

على الجانب الآخر تقف وسائل إعلامنا موقف المتفرج مما ترى ولا تحرك ببنت شفة تجاه ما قدمته المملكة على مدى سنوات من الدعم للعديد من البلدان، وتسليط الضوء على تلك المواقف، وهو ما يؤكد وجود خلل مهني في آلية التعامل الإعلامي، وخصوصا في إعلامنا الخارجي، ومع كل ما تقدمه المملكة في مختلف البلدان.

ستظل المملكة شامخة بقياداتها، داعمة ومساندة للأشقاء في مختلف المواقف، بيد أن الدعم المالي يحتاج إلى المراجعة مرة أخرى.