عقدت هيئة الشؤون الاقتصادية والتنموية لمجلس التعاون الخليجي اجتماعها الأول يوم الخميس 10 نوفمبر في الرياض برئاسة الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز، ولي ولي العهد في المملكة العربية السعودية، النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع.

وكانت الدول الأعضاء الأخرى ممثلة على مستوى رفيع أيضاً، فشارك فيها من الإمارات العربية المتحدة الشيخ منصور بن زايد آل نهيان، وزير شؤون الرئاسة، ومن مملكة البحرين الشيخ ناصر بن حمد آل خليفة، ممثل الملك للأعمال الخيرية وشؤون الشباب، رئيس اللجنة العليا للتعاون والتنسيق المالي، رئيس المجلس الأعلى للشباب والرياضة. ومثّل سلطنة عمان السيد خالد بن هلال بن سعود البوسعيدي، وزير ديوان البلاط السلطاني، ومن قطر شارك الشيخ محمد بن عبدالرحمن بن جاسم آل ثاني، وزير الخارجية، ومن الكويت الشيخ محمد عبدالله المبارك الصباح، وزير الدولة لشؤون مجلس الوزراء.

ويتفق هذا التشكيل من القيادات الشابة والفاعلة في دول المجلس مع قرار تأسيس الهيئة الذي نص على أن تُمثل الدول الأعضاء فيها على مستوى عالٍ بما يمكنها من اتخاذ القرارات اللازمة ومتابعة تنفيذها. وكانت الهيئة قد أنشئت بقرار من قادة مجلس التعاون في لقائهم التشاوري الذي عُقد في جدة في 31 مايو 2016، بهدف تسريع وتيرة العمل المشترك بين دول المجلس في المجالات الاقتصادية والتنموية، انطلاقاً من رؤية خادم الحرمين الشريفين، الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، ملك المملكة العربية السعودية، التي أقرها المجلس الأعلى لمجلس التعاون في دورته السابقة التي عُقدت في الرياض يومي 9-10 ديسمبر 2015.

وتندرج تحت هذا الهدف العام للهيئة عدة أهداف فرعية، أهمها تذليل العقبات التي تواجه استكمال الاتحاد الجمركي الخليجي الذي انطلق في يناير 2003، والسوق الخليجية المشتركة التي انطلقت في يناير 2008. فمع أن هذين المشروعين – وهما أكبر مشروعين تكامليين في تاريخ مجلس التعاون – قد حققا الكثير من أهدافهما، إلا أنه ما زال هناك الكثير من الخطوات اللازمة لاستكمال تنفيذ برامجهما على أرض الواقع. ومما تُعنى به الهيئة كذلك متابعة تنفيذ قرارات واتفاقيات وأنظمة مجلس التعاون المتعلقة بالشؤون الاقتصادية والتنموية، والتأكد من استفادة المواطنين منها.

وحسب قرار تأسيس الهيئة، فإن اختصاصاتها شاملة لمسيرة التكامل الاقتصادي والتنموي، فلها النظر في التوصيات والسياسات والدراسات والمشاريع التي تهدف إلى تطوير التعاون والتنسيق بين الدول الأعضاء في المجالات الاقتصادية والتنموية، وتشجيع وتطوير وتنسيق الأنشطة القائمة بين الدول الأعضاء في تلك المجالات، الاقتصادية والتنموية واتخاذ ما يلزم بشأنها من قرارات أو توصيات.

وأعطى المجلس الأعلى للهيئة صلاحية اتخاذ قرارات نافذة في كافة المواضيع المتعلقة بالمسيرة الاقتصادية والتنموية لمجلس التعاون. فيمكن أن تشمل مستقبلاً استكمال جميع خطوات تكامل الأسواق المالية في دول المجلس، وتكامل شبكات الطرق البرية والبحرية والجوية والاتصالات بين دول المجلس، ومنح المعاملة الوطنية للشركات والمؤسسات الخليجية والمواطنين الذين يمارسون هذه الأنشطة في جميع دول المجلس.

ونظراً إلى أن جميع دول المجلس قد استكملت الآن وضع رؤاها التنموية بعيدة المدى، وخطط التنوع الاقتصادي، بما في ذلك رؤية المملكة العربية السعودية 2030 وخطة التحول الوطني 2020، فإن التنسيق بين هذه الرؤى والخطط سيكون مثالياً تحت مظلة الهيئة، لتبادل الخبرات والتجارب بين القائمين عليها، وربطها بمشاريع التكامل الاقتصادي والتنموي في إطار مجلس التعاون.

بالإضافة إلى المواضيع التنظيمية لعمل وبرنامج الهيئة للفترة القادمة، كانت المواضيع الرئيسية في الاجتماع الأول للهيئة يوم الخميس تتعلق باستكمال مشروعي الاتحاد الجمركي والسوق الخليجية المشتركة، حيث تناولت الهيئة المواضيع التي استعصى حلها على اللجان الوزارية واللجان الفنية على مدى السنوات الماضية.

في السوق الخليجية المشتركة، ما زال مستوى التنفيذ على أرض الواقع أقل من الطموح الذي تضمنه إعلان الدوحة في ديسمبر 2007 الذي آذن بانطلاقة السوق حينها. ونص الإعلان على اتفاق الدول الأعضاء على تنفيذ ما نصت عليه الاتفاقية الاقتصادية التي صادقت عليها كافة الدول الأعضاء، بأن يُعامَل مواطنو دول المجلس، والشركات والمؤسسات الخليجية، في أي دولة من الدول الأعضاء نفس معاملة مواطنيها دون تفريق أو تمييز في كافة المجالات الاقتصادية. وتشمل تلك المجالات التنقل والإقامة، والعمل في القطاعات الحكومية والأهلية، والتأمين الاجتماعي والتقاعد، وممارسة المهن والحرف، ومزاولة جميع الأنشطة الاقتصادية والاستثمارية والخدمية، وتملّك العقار، وتنقل رؤوس الأموال، والمعاملة الضريبية، وتداول وشراء الأسهم وتأسيس الشركات، والتعليم والصحة والخدمات الاجتماعية.

ولذلك سعت الهيئة إلى أن يتسق التنفيذ الفعلي على أرض الواقع مع هذا الوعد الذي قطعته دول المجلس على نفسها في الدوحة في 4 ديسمبر 2007.