عندما قامت هذه الدولة وجعلت دستورها كتاب الله وسنه نبيه عليه الصلاة والسلام جاء في نظامها الأساسي للحكم التركيز على منظومة الاهتمام بالمواطن وتسخير إمكانات الدولة تعليماً وصحةً وتنميةً وأمناً ليعيش المواطن عزيزاً كريماً. ولهذا أنفقت الدولة مبالغ هائلة من أجل قيام المجتمع الريادي الناهض، ومن هذا الاهتمام قيام أجهزة معينة تحافظ على أمن المواطن وتحرص على استقراره حتى بدت عيناً ساهرة لراحته وأصبحنا بحمد الله نغادر بيوتنا ونمضي في طرقاتنا وهي في أيد أمينة بإذن الله.

إننا نلحظ في مختلف قطاعات وزارة الداخلية أن هناك إدارات عنُيت بالأمن وتتبع وسائل تحقيقه، فأُنشئت إدارات متخصصة لهذا الغرض، يبرز في مقدمتها الشؤون الأمنية والأمن العام والأمن الفكري ومراكز الأمير محمد بن نايف المختصة في كل الاتجاهات، وأكاديمية نايف للأمن الوطني، وغيرها من القطاعات الأمنية التي تعنى بالحفاظ على الأمن ليعيش المواطن والمقيم في مظلة التفّرغ للإنتاج والتعليم والعطاء الوطني. كما أن من مناط النظام الأساسي للحكم التكافل الاجتماعي لكبار السن وذوي الاحتياجات والأيتام، ودعم الأعمال الخيرية، ودعم أبناء المجتمع للعطاء في كافة نواحي الحياة، لذا فقد رأينا عناية غير مسبوقة بشهداء الواجب وأبنائهم وأقاربهم، وقد أتيحت لي فرصة اللقاء والتَّنقل عبر حدود المملكة، وشاهدت تلك اللحمة الوطنية بين القيادة وذوي الشهداء وأبنائهم تحديداً، واستمعت إلى الأحاديث الودية بين سمو ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية الأمير محمد بن نايف رعاه الله أثناء زيارته لذوي الشهداء والمصابين بكلمات نابعة من القلب تشعر معها بانعدام الفوارق، وأن سموه يعيش بين أهله وأبنائه، حتى تُرجمت هذه الزيارات والتوجهات إلى أبعد من ذلك بقيام جهات في وزارة الداخلية متخصصة تُعنى بشؤون أبناء الشهداء والحرص على مستَقبْلهم، وتكفّل الوزارة بتلبية احتياجاتهم والعناية بهم، وخاصة تلك الأسر التي لا تكفيها مواردها المالية أو الأسر التي فقدت عائلها أو أصيب بعجز صحي أقعده عن متابعة واجباته الأسرية، حتى رأينا واقعاً ملموساً يمثل الاهتمام الشخصي لسمو ولي العهد بالتأكيد في أكثر من مناسبة على هؤلاء كونهم خدموا دينهم ومليكهم ووطنهم، شأن إخوانهم في القطاعات العسكرية الأخرى كالدفاع والحرس الوطني، إلا أن ما لفت انتباهي في ثنايا هذا التوجه الكريم العناية بالمستوى التعليمي بل في مراحله المتقدمة كالماجستير والدكتوراه، والتنسيق مع الجامعات السعودية الحكومية والأهلية لمتابعة أوضاع أبناء الشهداء وذويهم وذوي ذويهم في سابقة مميزة ونادرة في كافة المراحل التعليمية.

هذا الأمر يبرز تقدير الدولة وفقها الله واهتمامها بمواطنيها على كافة شرائحهم وفي مختلف مناطق المملكة، ولم تقْتصر هذه العناية على فئة دون أخرى، لكن ما جعلني أستذكر هذا الموقف الوطني لرجل الأمن سمو الأمير محمد بن نايف وفقه الله هو تلك المواقف المتعددة التي تجعل المرء يسجل الشكر ويدعو لولاة الأمر، وتنوع مواقفهم والوقوف إلى جانب شعبهم الوفي، فكيف بَمنْ سال دمه فداءً لدينه ثم مليكه ووطنه. إن هذه اللفتة التي تعنى بها وزارة الداخلية عبر قنواتها الأمنية تأتي حرصاً على أبنائنا والرقي بمستوياتهم وإحساسهم أنه خلف أسر هؤلاء الشهداء رحمهم الله.

وأقترح أنْ يستمر هذا البرنامج ليَشْمل التوسع ومواصلة فتح المجالات المتنوعة بابتعاث أبناء الشهداء عبر برنامج بعثْتكُ وظيْفتك،ُ وأن يكون في الجامعات الأهلية منح داخلية لهؤلاء الأبناء استشعارا منها بالوقفة الأخوية التي تنم عن التعاطف بين القطاع الخاص وأبناء شهداء الواجب، وهذا غير مستغرب في بلد التراحم والعطف خلف أميْر ابتدأ هذا المشروع وغيره من مشاريع العطاء لكافة أبنائه في هذا البلد الكريم.

رحم الله شهداء الواجب، ويتوجب علينا الدعاء في لحظات تَسْتذكر فيها بطولاتهم والنجاحات التي حققوها على حدودنا وفي منشآتنا الأمنية وكل من ذهبتْ روحه فداءً لهذا الوطن الغالي.