وأخيرا صدر قرار خصخصة الأندية الرياضية، وطرحها للبيع والتداول من قبل القطاع الخاص، سواء على مستوى الشركات أو الأفراد، ليتحقق بذلك حلم الرياضيين، وتطلعات وأحلام المستثمرين، وقد حدد خبير رياضي مميزات الخصخصة الرياضية بأنها "الوسيلة الناجعة لتطبيق الاحتراف  الشامل، والقضاء على المحسوبيات في الأندية، وإراحة الحكومة من التزاماتها المالية للأندية، وضمان الحقوق المالية للاعبين، وإدخال ما يسمى بالتجارة الرياضية لبلادنا، والحد من هيمنة الشخصيات المتنفذة على الأندية وسيطرتها على القرار"؛ يبدو أن هناك تشابها في الفوائد فيما لو طبقت الخصخصة على الأندية "الأدبية" أيضا، ولكن المعضلة تتمثل في الانتقال من الحسي إلى المعرفي، أي من "القدم" إلى "الرأس والجمجمة"، وهذه معوقات مربكة وصعبة على المستثمر، من حيث القيمة والجدوي الاقتصادية من تجارة المعرفة، واشتراطاته "أي المستثمر" المتمثلة في تحديد الدور الوظيفي للمثقف ومشروعاته المستقبلية، ونزوعه نحو تقديم رؤية أفضل لمجتمعه وتبصيره بواقعه الراهن، وإنتاجه للأفكار الصالحة في الحقل المعرفي والخروج على رتابة المألوف، ومطارحاته ومواكباته للقضايا السائدة والآنية كالقيم الإنسانية والاجتماعية والفلسفية في عصرنا الحاضر، فحضارات الأمم بأكملها قامت على فكرة أو منجز ثقافي، تاقت له البشرية وفتح لها الممرات نحو غدها وممكناته المدهشة، كل هذه المحاور والتساؤلات سيطرحها المستثمر لو كتب للأندية الأدبية أن توضع في المزاد العلني المفترض والمتوهم، رغم كل الإغراءات التي ستقدمها إدارات الأندية للمستثمر من حيث التزام الشعراء بـ"الانوجاد" الليلي على المنبر، والاحتفاء الشعري بشخصه الكريم والمنشود، وتسليته أملا في هدم الجدار الأزلي بين التاجر والشاعر، مع تمكين "السارد" من رتق الشروخ بين المتلقي من الجمهور والمحكي، من خلال المسامرات والسواليف الليلية المختارة، بما يشبه "ألف ليلة وليلة"، وبالذات الحكاوي المثقلة بالنهايات المبهجة، نزولا عند رغبة السيد المستثمر، استحضار الدراسات النقدية الرثة والمملة مع الحرص على شحنها بالترميز والغرابة والعجائبية، و"الانبهامات" المتدافعة والملفوظات الشبحية، من باب الإعجاز النقدي، التعهد بتوزيع "ثلاثين دعوة ونيف" كل أسبوع على جمهور المناسبات واللقاءات والأمسيات، ضمن دوري النادي وبرامجه السنوية المعتادة، تطبيق مبدأ الاحتراف الكلي لأعضاء المجلس، من حيث التفرغ للمهنة والحضور والالتزام بالوزن، حفاظا على الصحة وعدم الإفراط في الكبسة والثريد والمعجنات، التي تقام على هامش الأمسيات، النوم المبكر أثناء المحاضرات والاجتماعات الدورية، بحثا عن التركيز والصفاء الذهني واستعدادا لدوري المثقفين، أعتقد أن أندية "الحواضر" الضخمة هي التي ستحظى بالخصخصة لو تمت، أما أندية "الظل" فقد اختار مستثمروها التجارة في "الشعير" بدل "الشعر".