قبل نحو أربعة أعوام كتبت مقالاً مطولاً نشر على صفحات صحيفة الجزيرة حذرت فيه من خطورة حركة الحوثي في صعدة جنوب اليمن،  وكانت بعد حركة صغيرة في العدد والعدة، لكن المؤشرات المبكرة كانت تكشف للعين المدققة عن مشروع ميليشيا خطيرة معادية للمملكة، تتطلع إلى لعب دور مشبوه في الشقيقة اليمن بحكم تبعيتها لدولة الملالي التي اتخذت منها ذراعاً لها في اليمن مثل ذراعها في لبنان ما يسمى بهتاناً حزب الله، وحدث ما كنا نتوقع ووجدنا أنفسنا اليوم في مواجهة ميليشيا تحكم قبضتها على المشهد اليمني بعد تواطؤ المخلوع علي عبدالله صالح معها، في مشهد لم يكن أكثر المتشائمين يتوقعه، لكننا توقعناه؛ لأن خريطة الطريق الإيرانية لهدم الأوطان أصبحت متكررة ومتوقعة، وفي المقابل نحن العرب أيضاً نكرر أخطاءنا في ترك الأمور حتى تستفحل وتستعصي على الحل، ثم تكلفنا فاتورة باهظة لعلاجها؛ حتى لا نواجه الأسواً. هذا هو الواقع الذي فرض نفسه اليوم علينا، فأصبح لسان حالنا يقول "لا بد مما ليس منه بد".

كان عنوان مقالي الذي حذرت فيه من الخطر المقبل من جراء استفحال أمر حركة الحوثي الوليدة آنذاك "اليمن.. قبل فوات الأوان"،  واليوم أجدني مضطراً إلى استخدام العنوان نفسه مرة أخرى، لكن مع استبدال الكويت باليمن، للتحذير من نذر خطر كبير على حدود الكويت مع العراق، وعلى وجه التحديد في منطقة العبدلي، حيث تتوافد جحافل إيران على مرأى ومسمع من الجميع، متطلعة إلى اجتياح الكويت، ولا أذيع سراً بحديثي هذا، كما أنني لا أدخل في نوايا القوم وقد أعلنوا أكثر من مرة أن الكويت وجهتهم، وأن اجتياحها ضمن خريطة غزواتهم المقبلة، وأنها الهدف التالي بعد الموصل.

ولقد استبشرت كثيراً مثل غيري من المواطنين الخليجيين بالمناورات العسكرية الأخيرة التي أجريت في البحرين، في رسالة واضحة إلى استعداد دول مجلس التعاون لصد أي هجوم محتمل من قبل أي جهة تفكر في الاجتراء على أمن الخليج، ومنها الميليشيات الإيرانية التي أصبحت تتجول على حدودنا في الكويت الشقيقة، لكنني في الوقت نفسه كنت أتمني لو أن ميدان المناورات العسكرية كان في الكويت قريباً من المواقع التي تتمركز فيها المجموعات الإيرانية المعادية، حتى تكون الرسالة واضحة أن الكويت لن تكون صيداً سهلاً، وأن أشقاءها في الخليج سيكونون جميعاً درعها وسيفها وحصنها الحصين، إلى جانب أشقائنا الكويتيين.

إن الشقيقة الكويت اليوم مهددة بخطر داهم، أكثر من أي وقت مضى؛ لأن هناك ممن يحملون الجنسية الكويتية أنفسهم سيباركون مثل هذا العمل العدواني البغيض إذا وقع –لا قدر الله- بل سيقومون بدور طلائع "الفتح الإيراني" الذي تحلم به دولة الملالي، لا بلغها الله آمالها، في الكويت، فلن يستنكف هؤلاء أن يساعدوا أعداء الكويت على النيل منها، وأمرهم ليس خافياً على أحد، فهم من أمثال دشتي وأشباهه من الناعقين.

إنني إذ أدق ناقوس الخطر هذا أدعوا الأشقاء في الكويت ليتدبروا أمرهم، وليتباحثوا مع أشقائهم في مجلس التعاون الخليجي في هذا الخطر الذي اقترب أكثر من اللازم، والصمت عليه أكثر من ذلك من دون اتخاذ ما يليق به من خطوات احترازية لتأمين حدود الكويت، ووضع الخطط والاستعدادات السريعة اللازمة لمواجهة أي هجوم محتمل عليها، ينذر بما لا تحمد عقباه.

بقي أن أقول إن استبعاد مثل هذا السيناريو المشؤوم انطلاقاً من التعويل على ضمير المجتمع الدولي يعد ضرباً من الإفراط في حسن النوايا لا يرقى إلى مستوى الخطر الراهن، فالتجارب من حولنا، أثبتت بما لا يدع مجالاً للشك أن المجتمع الدولي بلا ضمير، أو أن ضمائره تدفن رؤوسها في الرمال حين تتعارض مع مصالحه. أيضاً ليس علينا أن نعول على الدور الأمريكي، فنحن نرى جميعاً أن أمريكا عام  2016  ليست أبداً أمريكا عام 1990، ونحن في هذا المشهد ينطبق علينا  قول الإمام الشافعي:

ما حكَّ جلدكَ مثلُ ظفرك

فَتَوَلَّ أنْتَ جَميعَ أمركْ

التجارب التي نمر بها كشفت قدر الإجرام والحقد اللذين تضمرهما وتعلنهما لنا دولة الملالي المارقة. أيضاً كشفت لنا التجارب قدر التواطؤ الذي يحكم منطق المجتمع الدولي، وما الاتفاقية النووية مع إيران منا ببعيد.