في الوقت الذي يستعد فيه الرئيس الأميركي باراك أوباما لإخلاء البيت الأبيض، نستطيع أن نقول إنه الرئيس الأميركي الـ44 الذي يتمتع بضمير حي وذكاء متوقد، ومن الذين تبنوا القيم الإنسانية التي تلهم الملايين من الأميركيين، وأوفى بتحقيق النجاح لبعض من وعوده المهمة.

وتشمل إنجازاته التعافي بمهارة من الركود الذي ورثه، وحماية حقوق الأقليات العرقية، ومكافحة الإرهاب الدولي دون انحياز طائفي، وتوفير التأمين الصحي لعشرات الملايين من الأميركيين الذين لم يكن لديهم من قبل، وأصدر خطة الطاقة النظيفة للحد من التلوث الذي تسببه محطات توليد الطاقة الكهربائية.

 وانضمت إدارته إلى دول أخرى للتوصل إلى اتفاق مع إيران لإغلاق مسارها -على الأقل لمدة 10 أعوام- الخاص بتطوير سلاحها النووي، وأيدت اتفاق باريس بشأن تغيُّر المُناخ، وأنهت سياسة الحرب الباردة التي ترفض التعامل مع كوبا.

 وكان البيت الأبيض في عهده خاليا من الفساد الذي لطَّخ سمعة بعض إدارات من سبقوه.  ولقد كان أوباما طوال فترة ولايته يواجه بشجاعة وكرامة الهجمات الشرسة والعنصرية في بعض الأحيان التي قد لا يتحملها أي رئيس آخر.

ولكن كانت لأوباما خيبات أمل وإخفاقات، في الداخل والخارج، بما في ذلك فشله في إقناع الكونجرس بسن قانون إصلاح شامل للهجرة، وإغلاق معتقل خليج جوانتانامو سيئ السمعة. وحول سياسته الخارجية، وعد أوباما بإنهاء الحروب التي كانت تكلف الآلاف من أرواح الأميركيين في أعقاب أحداث 11 سبتمبر 2001، بما في ذلك غزو العراق. وفي خطاب ألقاه في مؤتمر الحزب الديمقراطي عام 2008، وعد بوضع حد  للحرب في العراق بطريقة مسؤولة، وإنهاء الحرب في أفغانستان بالقضاء على تنظيم "القاعدة" وحركة "طالبان".

 ومع أن القوات الأميركية انسحبت كليا من العراق في نهاية 2011، إلا أن صعود "تنظيم داعش" أقنع أوباما بشن ضربات جوية في هذا البلد ونشر 5200 جندي أميركي للقيام بدور "التدريب وتقديم المشورة والمساعدة".  وفي أفغانستان، حذَّر مستشارو أوباما من أن الانسحاب الكامل للقوات الأميركية من شأنه أن يقوِّض الحكومة المركزية الضعيفة في معركتها ضد طالبان، ولذا سيبقى 8400 جندي من القوات الأميركية بعد مغادرة أوباما منصبه.

 وفيما يتعلق بالحرب في سورية، فقد واجه أوباما انتقادات من حلفائه في الخارج ومن بعض أعضاء وزارة خارجيته في الداخل- لعدم قيامه بعمل عسكري ضد نظام بشار الأسد في محاولة لإنهاء الحرب الأهلية في ذلك البلد.

 قد لا يتبنى الرئيس المقبل دونالد ترمب الكثير من سياسات سلفه أوباما، ولذا فإننا نوصي بأن يسلك ترمب نهجها حذرا، حيث إنه يرث عالما خطيرا ومختلا على نحو متزايد.


صحيفة (لوس أنجلوس تايمز) – الأميركية