نورة عسيري



ليلة الوفاء التي شهدتها محافظة محايل عسير بتدشين محافظها، محمد بن سعود المتحمي، شارعها الذي يحمل اسمه لمسة وفاء للشهداء وأسرهم، كانت ليلة استثنائية بكل ما تحمله هذه الكلمة من معنى، فاللوحات الإنسانية العفوية من أسر وذوي الشهداء، والتفاعل الإنساني تجاه هذه المشاعر التي عبر بها أبناء وبنات محافظة محايل عن مشاعرهم الوطنية، كانت تنبض حبا وولاء للوطن والقيادة.

ليلة جماهيرية تجعلنا نكاد نجزم أنها كانت تظاهرة وطنية حملت كل عبارات الحب، اغرورقت فيها العيون بالدموع لمشاهدة الأطفال من أبناء الشهداء وهم يحتضنون صور آبائهم التي تزين حائط الشهداء، ونظرات الشموخ التي سُطرت على جبين آباء وأمهات الشهداء وهم يقفون بجوار صور أبنائهم الذين خلدوا ذكراهم وبطولاتهم في تاريخ الوطن العريق الزاخر بنماذج وصور للتضحيات.

لم تكن بالفعل ليلة عادية لنا، فقد تميزت محافظة الشهداء "محايل" كعادتها باحتضان رموزها، فكانت خطوة ذكية من حاكم إداري فطن لمس الحاجات وقدرها ثم أوصلها لغاياتها بطريقة إيجابية، فحملت هذه الليلة رسائل أطلقها مع حمامات السلام البيضاء لحظة التدشين وكأنه يقول إن هذه المحافظة "أرض للمحبة والسلام"، وإنها مدينة الأحلام، وإنها قدمت أبناءها الأوفياء لحماية هذه الرسالة الإنسانية، بالفعل كانت "رسالة مختلفة من رجل مختلف".

ثم استمر في إطلاق رسائله الإنسانية بلوحات وطنية حماسية تشحذ الهمم وتقوي العزيمة، وتُشعر بالعزة والشموخ بما قدمته قيادة المنطقة الجنوبية وقوة الأمن الخاصة من عروض قتالية شيقة حظيت بإطلاق هتافات جماهيرية وتعلقت بها أنظار الحضور مع أهازيج وطنية أكدت الإمكانات العسكرية التي تتمتع بها دولتنا العظيمة، كما أثبتت المهارات القتالية العالية لأبنائنا المدافعين عن تراب الوطن الغالي، لم تكن "محافظة محايل عسير" ليلة التدشين إلا عروسا فاتنة تنظر لشهدائها نظرة الوفاء، ولفرسانها نظرة الفخر والاعتزاز.

لم تكن محافظة محايل بحلتها الجديدة هذا العام كغيره من الأعوام، فثقافة التغيير نالت حظها الكبير منها، وشهدت حضورا نسائيا مميزا وإن لم يصل بعد لتطلعاتي الشخصية، لكنه حضور مبشر، خصوصا من المشاركات الفنانات التشكيليات وأسرهن بشارع الشهداء، ولكن المكان المخصص لحضور السيدات والتجهيزات والإمكانات العالية في التنظيم ومستوى الجاهزية كانت بالفعل تليق بحجم الحدث الذي تهيأت له المحافظة بإشراف محافظها، فلم يكن إشرافه قياديا فقط، بل كان توجيه الأخ المحب المخلص الذي يقف على كل ركن من أركان الموقع المعد للفعالية، ويتأكد لمدى ملاءمته لثقافة وطبيعة المجتمع المحلي، مراعيا فيه كل متطلبات الحدث بحس وطني اجتماعي أنيق لمسناه جميعا وعبرت فيه الحاضرات عن سعادتهن به "فكانت محايل هذا العام غير".

ولذا فإننا نجزم ومقدما هذا العام أن هذه الجماهيرية التي حصدتها ليلة التدشين لانطلاق فعاليات شارع الشهداء تعد "مقدمة" مسبقة الدفع لليالي "مهرجان محايل أدفأ 38".

ومن هذا المنطلق يجب علينا جميعا كأهالي محافظة الشهداء "أن نقول شكرا لكل الأوفياء القائمين على حدث المحافظة الأول المختلف"، بداية من محافظ محايل، محمد بن سعود المتحمي ولكل المبدعين من منسوبي اللجنة الفرعية للتنمية السياحية، ولكل منسوبي بلدية محافظة محايل الجنود المجهولين خلف كل حدث مميز في هذه المحافظة، فمنذ سبع سنوات ومحافظة محايل بدأت رحلة التغيير التي اتصفت بالانسيابية والديناميكية، وبدأت تلامس احتياجات ومتطلبات الأهالي اجتماعيا واقتصاديا وإنسانيا، ونستطيع أن نقول إن محايل المكان قادرة على استيعاب مفهوم وثقافة التنمية التي يحتاجها الوطن في مجالاته المختلفة، وأخذت مكانها الصحيح في مفهوم ثقافة صناعة السياحة كرافد اقتصادي مهم.