الحفاظ على الجسد البشري مطلب صحي وإنساني حقيقي، وحق من حقوق الفرد، ومن هنا كانت مبادرة برنامج «رشاقة» التي دشنها وزير التعليم أحمد العيسى ووزير الصحة توفيق الربيعة على جانب كبير من الأهمية لما تستهدفه من خفض معدلات السمنة في المدارس، والوصول إلى مجتمع صحي رياضي، ورفع معدل ممارسة الطلاب والطالبات لنمط حياة صحية سوية.

وبينما تمثل هذه الشراكة خطوة حاسمة في التغيير إلى الأفضل إلا أنه كانت هناك ضرورة ليكون ضمن هذه الثنائية بين التعليم والصحة مشاركة طرف ثالث على قدر من الأهمية، وهو الهيئة العامة للرياضة، ممثلة في وكيل رئيس الهيئة العامة الأميرة ريمة بنت بندر بن سلطان، تجسيداً للشراكة المتكاملة بين الهيئة والقطاعات الحكومية الأخرى، وفي مقدمتها المؤسسات التعليمية والتربوية والصحية، ولما يمثله احتياج الفتيات السعوديات إلى ما تعنيه مبادرة «رشاقة»، وخاصة بعد تزايد السمنة وارتفاع نسبتها في مدارس البنات، إذ يشكل هذا هاجساً صحياً لا يمكن إغفاله في مدارسنا.

مبادرة «رشاقة» خطوة جادة وعلى تأخرها كل هذا الوقت فهي مبادرة محل تقدير وشكر، وينطبق عليها المثل «أن تصل متأخراً خير من ألا تصل أبداً».

والتأخير لا يعني أيضا مزيداً من التسويف، والتعطيل لمشروع يمس حياة ملايين الأطفال والطلاب في المدارس، يمسهم في أهم متطلباتهم وحقهم، ومن هنا فإن تطبيقها بشكل تدريجي على مدار خمس سنوات لتغطية 20% من مدارس المملكة ليستهدف 6 آلاف مدرسة لمدة تصل إلى 5 سنوات، يتصدرها 1000 مدرسة تابعة للتعليم العام في 6 مناطق كمرحلة أولى هو أمر غير مبرر في الوقت الذي نفذت وزارة التعليم قرارات مماثلة وطبقت بشكل سريع وعممت على كافة المدارس في المملكة ولم تتبع سياسة التدرج والتجريب ونفذت مباشرة.

إن قرارا بهذا البطء المتدرج فيه إجحاف بحق النسبة الكبرى من البقية الباقية من المدارس، بالإضافة إلى أنها ليست مبادرة قابلة للفشل في التطبيق أو عدم القبول، بل هي حاجة ملحة، ولهذا إخضاعها للتجريب وبنسبة قليلة وعلى سنوات طويلة هو من باب المبالغة في التطبيق والجدية في جعلها واقعاً ملموساً.

إن معطيات كثيرة وواضحة تجعلنا نطالب بتطبيق البرنامج بشكل كامل على كافة المدارس والمراحل هو مطلب ملح وواقعي قياساً بقدرة وزارة التعليم على وضع الخطط وتنفيذها بشكل جاد، بالإضافة الى الميزانية الكبيرة التي خصصتها الدولة لقطاع التعليم والصحة معاً.

من هذه المعطيات الأخذ بعين الاعتبار نسبة السمنة وزيادة الوزن في المملكة التي وصلت إلى 30.7% في الفئة العمرية من 15 سنة فما فوق، حسب نتائج المسح الوطني للمعلومات الصحية عام 2013. وكذلك فالمبادرة تستهدف الطلاب والطالبات في جميع مدارس المملكة لعام 2020، من أجل خفض معدلاتها بنسبه 5% في المدارس المختارة، وتحسين سلوك الطلاب الغذائي، ونشاطهم البدني مع توفير البيئة المناسبة والخدمات الوقائية والعلاجية، لمن يعانون من السمنة. ومن هنا نتساءل: لماذا يقتصر الأمر على مدارس مختارة وعلى سنوات طويلة في ظل هذه الحاجة الحقيقية لتطبيق برنامج «رشاقة»بشكل متكامل وعملي؟