بموافقة مجلس الوزراء، وبأمر ملكي، أُعلن في مايو العام الماضي عن الترتيبات التنظيمية للهيئة العامة للثقافة وإنشائها، والتي ستكون مسؤولة عن جميع الأنشطة الثقافية في المملكة.

وها نحن اليوم على وشك قرار بفصل الثقافة عن الإعلام، وارتباطها كهيئة مستقلة «ماليا وإداريا وتنظيميا» برئيس مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية، وهو قرار يأتي في الوقت المناسب، وفي الاتجاه الصحيح، لتفعيل دور كلٍّ من الثقافة والإعلام.

فكل ثقافة إعلام، وليس بالضرورة أن يكون كل إعلام ثقافة، وفصل صلاحيات القطاعين بات ضرورة. كما أن ربطها مرجعيا بالاقتصاد والتنمية هو جزء من التنمية، وهذا يعني فتح آفاق واسعة في مجال الثقافة وحراكها المستقل.

من أجل الوطن، ومن أجل الإنسان -كما يبدو- يلوح في الأفق أن هناك بالفعل سياسة ثقافية سيتم تطبيقها، الأمر الذي يتطلع إليه المثقف والإعلامي والمجتمع.

وإن وجود تخصيص واضح لمن يصنع الثقافة ولمن يقوم عليها، وكذلك من يحرك الإعلام ويقوم عليه، هو مطلب كسياسة موجهة متوافقة مع منظومة الثقافة والإعلام، فكلاهما مفصل مهم من مفاصل الدولة.

إن هناك تساؤلات في هذه المرحلة من القرارات الحاسمة، وهي تساؤلات تستدعي الطرح في ظل تجسد قرار فصل الثقافة عن الإعلام، مع مباركتنا خطوات الهيئة العامة للثقافة وما ستكون عليه، ألا وهي: كيف سيتم توظيف الفعل الثقافي؟ وبالتالي السؤال عن دور المثقفين والمفكرين والمبدعين في التشكيل الجديد؟ وماذا عن المرأة النصف الثاني للمجتمع والجزء المهم في التنمية الثقافية؟ ماذا يعني أن تكون على بعد مسافة حادة من القرار، ومن المناصب الفعلية للتشكيل الثقافي والإعلامي؟ وعلى هذا النحو.

في كل الأحوال، سنجد المرأة تنحاز إلى الوطن، أيّا كان إقصاؤها عن مواقع صنع القرار، واستبعاد وجودها وانضمامها إلى المؤسسة الثقافية، بمعنى: هل القرار والتشكيل الجديد حريصان على الثقافة كنوع وجنس، ولا ينظران إلى المرأة كفاعل حقيقي في المحرك الثقافي، لتكون أحد منسوبي صانعي القرار؟

أين موقع المرأة المثقفة والمفكرة اليوم؟ أين موقعها من الثقافة والفعل الثقافي؟ إنها تقف على عتباتها دون أن تدخلها.

إن النساء مغيبات عن المؤسسة الثقافية، بحيث لا يمكن أن تسهم في تقديم تنمية الثقافة والمعرفة وهي على هذه المسافة.

ربما لا يدرك صانعو القرار أنه يراهن على تقديم ثقافة منفتحة متكاملة وسوية إلى جيل لم يولد بعد، هذا الجيل القادم لن يكتفي بأن تكون النهضة الثقافية فقط مسارح وسينما وملتقيات وفعاليات، بل أن تكون المرأة صانعة نهضة مشاركة وحاضرة، ولن تكون فكرة الثقافة الأحادية النوع مسوغة ولا مقبولة لمن سيأتون لاحقا.

يقال: إذا كنت مستاءً فهذا يعني أنك ما تزال مؤمنا بتغيير بعض الأمور. هذا ما تتطلع إليه النساء في القريب القادم.