قبل عام ونصف العام قلت هنا -غير جاد- إن استمرت أسعار وثائق التأمين على المركبات بتلك الوتيرة من الارتفاع، فستصل قيمة بوليصة التأمين إلى سعر السيارة ذاتها. ويبدو أننا وصلنا نوعا ما إلى هذه المرحلة، فقيمة التأمين على السيارة أصبحت أعلى من قسطها الشهري!.

حتى موظفي شركات التأمين أصبحوا يخجلون من ذكر الأسعار الجديدة للتأمين على السيارات، وبعضهم ينصح العميل بالتروي وعدم الاستعجال حاليا، لعل وعسى أن تتم مراجعة هذه الأسعار الجنونية.

المضحك بالزيادات الأخيرة في أسعار التأمين على السيارات، أنها جاءت بعد توقعات بانخفاضها. فقبل 6 أشهر فقط، قالت لجنة النقل الوطنية بمجلس الغرف السعودية إنها تقدمت بعدة دراسات لمؤسسة النقد بشأن ضرورة خفض أسعار التأمين الحالية بنسبة 50%، وكشف رئيس اللجنة حينها لـ«الوطن» أن «ساما» ستعلن قريبا عن تحديد وتخفيض أسعار تأمين المركبات!.

كما أن الارتفاع الأخير في أسعار وثائق التأمين على السيارات جاء بعد فترة وجيزة من مطالبة «الشورى» لمجلس المنافسة بالتنسيق مع مؤسسة النقد لوضع حد لارتفاعات أسعار التأمين على المركبات، واتخاذ ما يلزم لمنع الممارسات الاحتكارية.

غلاء أسعار التأمين على المركبات ليس أمرا خافيا على أحد، بما فيها مؤسسة النقد، بدلالة استعانتها قبل شهور بجهة استشارية خارجية لإعادة النظر في أسعار تأمين السيارات التي ارتفعت بشكل مبالغ فيه. وكذلك اجتماعها عدة مرات مع مجالس الغرف السعودية ورجال الأعمال، لطرح ومناقشة عدد من الاقتراحات، إقرارا منها بما يحدث في سوق التأمين من سلبيات.

بل حتى متحدث شركات التأمين يعترف صراحة في تصريحاته الصحفية، بارتفاع أسعار التأمين على السيارات، وإن برر ذلك بعدة أسباب، من بينها الأوضاع الحالية لشركات التأمين.

لكن تلك التبريرات غير مقنعة لي كعميل، لأنه من غير العدل أن يحمّل المواطن مشاكل شركات التأمين وأخطاء في إدارتها، أدت بالمجمل إلى صعوبة بقاء بعضها في سوق التأمين، ولم يعد لديها من سبيل سوى رفع قيمة وثائق التأمين على العملاء.

الشيء المؤكد أن أسعار التأمين على المركبات لم تعد في متناول أيدي كثير من ملاك المركبات، وأخشى أن يأتي اليوم الذي نجد فيه الأسعار وقد تجاوزت مبلغ القسط الشهري للسيارة إلى قيمتها نقدا.