في تغريدة بالأمس، يتساءل الصديق العزيز، محمد بن عبداللطيف آل الشيخ: في ضوء كل الأحداث الأخيرة، هل يستطيع معالي وزير التعليم تنظيف الجامعات السعودية من كل أعضاء الجماعات والتنظيمات التي تخالف سياسة الدولة وتوجهات المجتمع..... والجواب ببساطة هو «لا» مكعبة مربعة لعدة أسباب. أولا: الاستحالة لأن هذا لا يشبه إلا أن تقرر تنظيف شجرة هائلة، ولكن بفرز وإزالة نصف جذورها بالنبش الواسع تحت الأرض، بينما علماء النبات يقولون بالجزم: ستموت الشجرة.

ثانيا: أنا ضد الإقصاء والاستبعاد، وأنا مع أن تكون الجامعات ملتقى لكل الأضداد والمدارس. كنت طالبا بجامعة الملك سعود عندما كانت ردهاتها ومسارحها تستقبل محاضرا عالميا مثل التركي فؤاد سزكين أو الجزائري الفرنسي جاك دريدا أو العملاق الكبير محمد أركون. الكارثة اليوم أن خريجي أقسام اللغة العربية أو آداب اللغة الإنجليزية لا يعرفون اليوم إن كان هؤلاء نجوم سينما أو ترفيه أو أساتذة في نظريات البنيوية أو التفكيكية. العشرة الأوائل من بين كل هؤلاء قد لا يفقهون حتى فوارق التعريف ما بين النظريتين. عدت من البعثة، وهي مجرد بضع سنين بحساب الزمن، وذات غلطة إدارية فادحة، وضعوا اسمي ضمن قائمة لجنة جامعية للإشراف على النشاط الطلابي. أتذكر أنني اقترحت اسم الدكتور، عبدالله الغذامي ضمن قائمة اختيار، وتمت الموافقة بالإجماع العلني، ولم أكن أعرف أن القرار يطبخ تحت الطاولة لا على الورق الرسمي في الاجتماع فوق ذات الطاولة. فوجئت في ذات العام أن النشاط الوحيد الذي تم وانتهى لم يكن بأكثر من التجمع الطلابي الهائل لقفشات الشهير الأخير «أبوزقم»: سيرة مفحط سابق. كل الأجوبة التي لقيتها حول سؤال الاستفهام، لماذا؟ كانت تقول لي: نحن نريد النجم الجماهيري دون أن يدركوا أن المراد في «نحن» هي الجامعة التي يجب أن تظل منارة تقود الطلاب إلى ما يصح ويصلح، لا أن تكون نسخة لبرامج «ما يطلبه المشاهدون»، عرفت بعدها أن «أبوزقم» لم يترك مسرحا جامعيا، لأن الجامعات برمتها نزلت إلى أدنى المؤشر، أتذكر أن أحدهم أجاب عن اعتراضي: تبغانا نجيب فيفي عبده؟