قبل خمسة وعشرين عاما، طالب المؤرخ والباحث المعروف الدكتور «محمد بن عبدالله آل زلفة، بتفعيل وتوظيف البعد الثقافي والحضاري والتاريخي، والمقومات المعرفية لتاريخ منطقة عسير، إثراءً لمصادر تاريخها، وديمومة حضورها، ومرتسمات مكوناتها، مما يساعد على كشف منظومة القيم الكامنة في مظانها، وتوليد الطاقات الذهنية، والمصاغات الفكرية، وتجليات مداليلها الحيوية، المسهمة في رقي الأمة، والانفتاح على ذاكرتها التاريخية، وتخلقاتها الحضارية والمدنية، إذ أكد «آل زلفة» على تأسيس متحف يضم كل ما يتعلق بتاريخ منطقة عسير منذ أقدم العصور إلى وقتنا الحاضر، وتأسيس متحف زراعي يحوي كل ما يتعلق بالزراعة، مهنة سكان عسير الأولى، وإنشاء متحف طبيعي لكل الكائنات الحية التي تمتاز منطقة عسير بكثرتها، نظرا لتنوع وضخامة كائناتها الفطرية، وإنشاء مزرعة تجريبية لكل نباتات منطقة عسير للاستفادة منها في الدراسات العلمية والصناعات الدوائية والمستخرجات العطرية، والعمل على وضع معجم شامل بأسماء النباتات ومسمياتها باللغة العربية الفصحى ومسمياتها المحلية، كما طالب الدكتور «آل زلفة» في طروحات لاحقة، إنشاء كلية للفنون الجميلة نظرا لما تزخر به منطقة عسير من فنون قولية وحركية، وتراث غنائي ضخم، وإنشاء كلية للعمارة والتخطيط، تابعة لجامعة الملك خالد، تسهم في الحفاظ على البيئة، إذ إن منطقة عسير تعد بحق أكبر متحف مفتوح لأنواع شتى من العمارة التقليدية، قَلّ أن تجد له مثيلا في الجزيرة العربية، حيث الجبال وسفوح الجبال، والسهول التهامية الممتدة إلى سواحل البحر الأحمر، والسهول الممتدة من السفوح الشرقية لجبال منطقة عسير إلى صحراء الربع الخالي من الجهات الشرقية، وهذا التنوع الجغرافي منح المنطقة تنوعا عمرانيا نادرا وأخاذا، وإنشاء كلية للزراعة بجامعة الملك خالد، لكون المنطقة من أهم مناطقنا الزراعية، وتملك أكبر غطاء نباتي متمثل في الغابات التي تحتاج إلى عناية فائقة في الحفاظ عليها، ولن يتأتى ذلك إلا خلال كلية متخصصة، ينبغي أن تقوم جامعة الملك خالد بضم كلية السياحة والفندقة إلى كلياتها الأكاديمية، فالسياحة مصدر اقتصادي مهم، ومنح التراخيص للبعثات الوطنية والأجنبية للتنقيب عن الآثار في منطقة عسير، وإنشاء معهد عال للصناعات والحرف التقليدية في المنطقة، وتأسيس «بنك» لتمويل المشاريع السياحية في منطقة عسير.