بينما تتسارع الأحداث والظروف الاقتصادية والاجتماعية، يحدث أنه يتغير الكثير من المعطيات والمتطلبات، ويصبح ملف قضايا المرأة ليس ذلك الملف الأخضر الذي يمكن وضعه في الأرشيف أو على قائمة الانتظار. لن يظل هذا الملف هو النقطة العمياء في مجمل قضايانا، فكل إنسان يبلغ سن الرشد ذات يوم، ومن الطبيعي أن يكون للمرأة السعودية سن رشد يعترف بها عمليا، تؤهلها لأن تكون مسؤولة وراشدة أمام الأنظمة ومن خلال الوثائق الرسمية، وألا تظل قاصراً حسب الأنظمة.

إن ملف إصدار وثائق رسمية، والذي يعد من أهم الملفات التي تحتاجها المرأة، مثل جواز السفر تصريح السفر والدراسة والعلاج والولاية، لا زال في تفاصيل بنوده الكثير من اللبس وعدم الوضوح، بحيث إن بندا صغيرا في مجمل ما يعتبر مزايا، تم منحها مؤخراً -بند صغير - يمكنه أن يجعل المشكلة قائمة ولكن بشكل آخر مختلف معقد ويخدم النظام السابق.

هناك ملف النقل ودعم المرأة العاملة في التنقل، والذي لا يتجاوز استهداف 150 ألف امرأة حتى عام 2020، وعلينا أخذ الجانب الإيجابي في الاعتبار في هذه البادرة.

إلا أن ملف التنقل للمرأة لا زال عالقاً وبشكل كبير، فهناك شركات النقل المستحدثة التي قدمت خدمة تنقل للمرأة على شكل تطبيقات سهلة، وهنا يأتي السؤال: ما الذي يمكن أن تضيفه هذه التطبيقات للتنقل للمرأة العاملة أو غير العاملة إذا كانت لا تزال على أرض الواقع تُستنزف مالياً من خلال هذه الشركات؟

إن قضايا مثل العنف الأسري والبطالة لدى خريجات تخصصات لا تمت لسوق العمل بصلة لا زالت عالقة، ولم يحدث فيها تحرك عملي بحيث تكون حُلت، وإلى حد ملحوظ لم يغلق بعد. لا زال ملف قوانين وقف العنف ليس ساري التنفيذ بالقدر الكافي ولا زالت الفتيات المعنفات يوضعن في دور الرعاية أو ما يسمى بالحماية، بحيث تسجن الضحية عوضا عن سجن الجاني، ولم تصدر إلى اليوم أية بادرة بخصوص تغيير آلية دور الحماية للفتيات، خاصة أن إجراءات دار الرعاية لازالت معقدة !

كيف تعقد حياتها هكذا لمجرد أن النظام يعطي صلاحية لولي أمرها  بالحق في عدم تسلمها أو خروجها من الدار.

الكثير من التفاؤل بالغد الأفضل يظل قائماً بالرغم من تكاثر أولئك المعارضين الذين لا زال معظمهم وهم كثرة لا يفرقون بين كلمتي المرأة والمرآة، إنهم محركو الصورة النمطية والنظرة الدونية للنساء، وهم الفئة التي لا تريد أن تصدق أو تتقبل أن للمرأة حقوقاً مدنية ودينية وأنه لا يجب أن يتم التعامل معها بأنها قاصر. ولهذا عملياً لا تمنع القوانين والأنظمة كثيرا من البديهيات مثل التنقل وقيادة السيارة، إلا أن قانون العرف الاجتماعي لا زال يثقل على توجه سياسة تمكين المرأة في الحياة العامة. وتتطلع المرأة السعودية إلى أن يُفتح ملف قضاياها بشكل حاسم، وهو ملف على الأرجح لن يعد ذلك الملف العلاقي الأخضر الذي يمكن تجاهله. ملف قضايا المرأة من أكثر الملفات أهمية بل وأكثر الملفات التي تثير جدلاً واسعا في المجتمع، وفي الوقت ذاته تتطلع إلى أفق مشرق لتمكين المرأة في الكثير مما تتطلبه المرحلة الحالية والعهد الجديد.