يجب أن نسأل أنفسنا: ما العالم الذي نود أن نعيش فيه؟ وما الذي يحدث اليوم في العالم؟ العالم يتعامل مع موارده بطرق مختلفة، لا تخدم الإنسان بقدر ما تستهلكه، منذ قيام أنماط الاقتصاد الذي تعامل بها النظام الشيوعي والنظام الرأسمالي، ومؤخرا نظام السوق الحر القائم الآن.

إذا كنا نمتلك الموارد، فنحن نمتلك كل شيء، ألا تستحق هذه النظرية أن نعمل من أجلها ونؤمن بها؟

هذا ما يقوم عليه فكرة ومبدأ «مشروع فينوس». ينطلق من فكرة ضرورة التوجه إلى الاقتصاد القائم على موارد

ما بعد السياسة والفقر والحرب، بمعنى أن يكون الاقتصاد غير معتمد على الحروب في جلب الموارد، بل على الطبيعة. عندما تتدخل الحرب سيكون ذلك اقتصاد الحروب وليس اقتصاد الموارد الطبيعية.

مؤسس مشروع فينوس، والذي رحل عن عالمنا من وقت قريب، هو «جاك فرسكو»، مهندس معماري ورائد في مجال التصاميم الهندسية للآلات الصناعية، وباحث مستقبلي، حاصل على جائزة نوفس عن تصاميمه الهندسية من الأمم المتحدة.

عاصر في سن مبكرة من عمره فترة الكساد الكبير، واهتم بدراسة الاقتصاد. تركت المشكلات الاجتماعية والاقتصادية التي عاصرها أثرا كبيرا في نفسه، مما دفعه إلى دراسة نظرية جديدة عن التصميم الاقتصادي-الاجتماعي، وخرج بمحصلة عظيمة وأفكار جديدة تعيد إحياء حلم الإنسان منذ بداية عصور التفكير، ألا وهي مجتمع مثالي يعتمد على موارد الأرض والمشاركة الفاعلة بين أعضاء المجتمع.  تتحدث نظريته عن كيفية تهيئة الإنسان، والبيئة، والتكنولوجيا من أجل انسجام متكامل.  بدأ بإنشاء مركز للأبحاث في منطقة فينوس في فلوريدا، وهناك انضمت إليه روكسان ميدوز باحثة وصحفية، حيث بدآ مع مجموعة من المتطوعين ببناء المراكز البحثية والنماذج الأولية للآلات والمساكن الطبيعية، وطرح فكرته الكبيرة التي تتحدث عن الاقتصاد القائم على الموارد.

إننا بحاجة إلى نمط الفكر والحياة الذي يقودنا نحو الاستدامة، وأن نبحث عن أفكار باستطاعتنا تطبيقها في حياتنا الخاصة.  مشروع فينوس يقترح تصميما لمجتمع عالمي يعمل على التوازن البيئي، وتحسين مستويات العيش لجميع سكان الأرض. إذ إن النظام الحالي يدعم سلوكيات الاختلال الوظيفي للبشر ليس أكثر. الخطوات العملية التي يمكن أن نبدأها عمليا في حياتنا الخاصة كأفراد، تقودنا نحو الاستدامة المتعددة، مثل: إمكان زارعة المحاصيل الزراعية داخل البيت، وللدولة إنتاج الطاقة الشمسية بطرق واسعة.

نحن نستوعب الفكر المستدام، لكن الأفراد من المجتمع قد لا يعيرون أي اهتمام للدعوة بالتفكير المستدام، لكنهم سيقومون بتطبيقات عملية ناجحة في الحياة اليومية إذا ما توجهت الدولة إلى تنمية وتشجيع الاستدامة، وهذا يخدم رؤية 2030 بشكل حقيقي.

إن مناقشة أفكار جديدة هو أمر صعب في ثقافة تعيش على الاستهلاك فقط، ذلك أن قيمنا تم تحديدها خلال الثقافة العامة التي نعيشها.

ما زلنا نفتقد ثقافة البيئة والأرض والتوازن، فعلى سبيل المثال ما زالت الحيوانات تُقتَل بعشوائية من الأفراد والمؤسسات، كقتل وتسميم الكلاب والقطط، وما زالت الأشجار تُقطع، وما زلنا لا نمتلك مناهج دراسية أولية لتعليم الزراعة والتوازن البيئي وحب الطبيعة.. إلخ.

إن معظم سلوكياتنا يتم توجيهها عن طريق البيئة التي نعيش فيها، وتغيير البيئة يؤدي إلى تغيير السلوكيات أيضا في المدى البعيد.

يجب علينا أن نحلل البيئة الاجتماعية التي تغذي سلوك الإنسان بصورة عامة.

يجب أن تطلعوا أكثر على مشروع فينوس، لتعرفوا أنه يبدأ بالإنسان والبيئة قبل كل شيء. أن تنتمي إلى الأرض يعني الانتماء إلى الخير والوفرة والسلام.