دأبت إيران على استخدام أدواتها وأذرعها لإثارة القلاقل في العالم، وإشاعة الفوضى، ونشر مبادئ التشيع وتعليمات الولي الفقيه، بما يضمن تصدير ثورتها، ويحقق لها أهدافها التوسعية، وسيطرتها على كثير من الدول سواء تلك القريبة منها جغرافيا، أو حتى تلك البعيدة، معتمدة على طائفية بغيضة لمحاربة الإسلام الصحيح والسوي والداعي دوماً للسلام، ولذا توافقت أجندتها مع أجندة حزب النهضة الإسلامية في طاجيكستان، والذي تأسس على أفكار وأهداف ومبادئ جماعة الإخوان المسلمين، وعملت على تجنيد عدد من عناصره وتدريبهم على الاغتيال والتفجيرات، ومدتهم بالمال والسلاح، وأطلقتهم مثل كلاب مسعورة في بلدهم لاغتيال رموزه الوطنية، وإشاعة الفوضى في أرجائه، بما يمكنها بالتالي من التدخل وفرض أجندتها وتشيعها وتعليماتها.

وكنا قد عرضنا بالأمس لاعترافات أدلت بها خلية إرهابية تحركها إيران، روت فيه العمليات الإجرامية التي اقترفتها في طاجيكستان، وأهدافها، ومصادر تمويلها، وذلك نقلا عن فيلم وثائقي عرضه التلفزيون الطاجيكي، نقل فيه اعترافات العصابة المجرمة، وهم:



1 ـ عبدالقادر عبدالله يوف الملقب بـ«رستم  ناركي» من مواليد 13 يوليو 1967 متزوج لديه  ثلاثة أبناء، وهو زعيم الجماعة الإجرامية المذكورة.



2 ـ تغاي مراد أشرفوف الملقب بـ«علي» من مواليد  2 سبتمبر 1970 متزوج لدية 4 أبناء.



3 ـ مهر الدين قدرتوف الملقب بـ«إيشان» من  مواليد 9 أغسطس 1964، وهو متهم بعمليات  قتل وامتلاك الأسلحة النارية والتخريب، وحكم  عليه بالسجن لمدة 18 عاما. إضافة إلى عدد آخر من المتعاونين مع المجموعة والذين قاموا بأدوار مختلفة.


 استهداف وهروب

ركزت العمليات الإجرامية لعملاء إيران على استهدف السلام والهدوء في طاجيكستان، وركزت هذه المجموعة الإرهابية على استهداف المقار الأمنية وقوات 201 بعمليات مسلحة.

في سبتمبر 1994 التقى عبدالله باواني مع رستم ناركي في دوشنبه، وأمره بالقيام بعمليات تفجير في القسم الحربي لـ201 في ساحة المطار في دوشنبه.

دخلت تلك الجماعة القسم بمواد كيميائية زرعوها في القسم فأحدثت انفجاراً رهيباً الحق خسائر باهظة بالمركز الحربي.

يقول رستم «أعطونا المتفجرات وزرعناها في الموقع، ثم غادرناه، وحصل انفجار عظيم.. بعد أيام من الانفجار أبلغونا بضرورة مغادرة طاجيكستان».

كانت إيران تعد هؤلاء الإرهابيين، ثم تدخلهم بشكل غير نظامي إلى طاجيكستان للقيام بعمليات إجرامية واغتيال الشخصيات المعروفة.

يقول أشرفوف «دخلنا تهريباً إلى طاجيكستان ضمن مجموعات تتشكل من 5-6 أفراد، وكان لدينا أوامر باغتيال المثقفين والضباط، كانت هناك مجموعات أخرى مثلنا تقوم باغتيال العلماء والسياسيين».


اغتيال نائب في البرلمان

 في عام 1999 أي بعد عامين من التوقيع على معاهدة السلام بين حزب النهضة والحكومة، قتل هؤلاء الإرهابيون نائب البرلمان، القانوني صفر علي كنجايوف في شارع أكاديمي بابا جان غفور البناية رقم 32.

وراقب أعضاء المجموعة الإجرامية تحركات كنجايوف لمدة 6 أشهر، وكانوا يرتدون أزياء مختلفة، ويغيرون من ملامحهم بهدف نجاح خطة الاغتيال، وتلقى كل منهم مبلغ 2000 دولار أميركي لتنفيذ العملية.

يقول أشرفوف «وعدنا الحاج حليم بإعطائنا 2000 دولار في حال اغتيال كنجايوف، وبالفعل أعطانا المبلغ بعد الاغتيال.. كان الهدف من العملية خلق حالة من سوء الظن وعدم الثقة الشعبية بالحكومة.. كنت واقفا أسفل البناء يوم اغتيال كنجايوف وحارسيه.. وعندما خرج من منزله فتح رستم النيران من فوق وأنا قمت بإطلاق النار من تحت.. لقد أصبت في أسفل بطني خلال العملية، وخرجت الرصاصة من ظهري.. عندما غادرنا البناء كانت جثة كنجايوف ملقاة على الأرض، فررنا وتوجهنا بالسيارة نحو المطار، فقدت الوعي لأنني نزفت كثيراً من الدم، أخذوني إلى بيت الحاج حليم وتم علاجي هناك».

بعد إصابته وهروبه إلى بيت نظر زاده حيث تم علاج أشرفوف.. الطبيب الذي عالجه يدعى برهان كنجايوف من مواليد 1946 وتوفي في 2016.

يقول برهان كنجايوف «جاء أربعة أشخاص ذوي لحى طويلة وهددوني بأنه يجب تقديم العلاج لشخص ما، وذهبت إلى منزلهم وقمت بعلاجه.. كان نظر زاده موجودا هناك».


ولاء للإرهاب

يجمع أعضاء المجموعة الإرهابية على أنهم أقسموا على الولاء لحزب النهضة، لكنهم يبدون ندمهم وأسفهم لما آلت الأمور في النهاية، وينصحون الآخرين بالانتباه إلى النهاية التي انتهوا هم إليها، وهي السجن وربما عقوبة أقسى.

يقول رستم ناركي «عندما غادرت طاجيكستان متوجهاً إلى أفغانستان بايعت أنا ومجاهدي الحزب السيد عبدالله نوري زعيم حزب النهضة، وقطعنا وعدا بالولاء لهذا الحزب والنوري».

ويضيف «أقسمنا نحن مجاهدي وكتائب حزب النهضة على البقاء أوفياء للحزب والنوري ما دمنا على قيد الحياة.. لكننا أدركنا بعد فترة أن الحزب حزب إرهابي وليس إسلامياً».

بدوره، يقول أشرفوف «كنت منذ أيام شبابي موالياً لحزب النهضة والحاج حليم وإيران وقمت باغتيال العلماء والمثقفين».

ويبدي رستم ناركي أسفه، ولكن بعد فوات الأوان، فيقول «نحن نادمون على أفعالنا.. أدركنا بأن حزب النهضة يخدم إرهاب إيران، وليس الشعب الطاجيكي أو الإسلام، وبالتالي أعلن أنه حزب ليس إسلامياً بل إرهابياً».

ويوافقه أشرفوف، فيقول «أنا نادم الآن، وأطلب من الشباب ألا ينخدعوا بحزب النهضة وبإيران، كي لا يكون مصيرهم مثل مصيرنا وهو السجن».


أموال حلال من بيت المال

يقول الإرهابي خالق خورشيد، وهو من مواليد 28 مارس 1976 «كنت أتعاون مع الحاج حليم في 1999، وقد دخلت منزله مساء.. كان هناك شخص يدعي تغاي ملقب بـ «علي» وكان مصابا في أسفل بطنه.. علمت بخبر اغتيال كنجايوف بعد يوم من التلفزيون.. قال لنا الحاج حليم نظر زاده لاحقاً بأنه لا يجب التكلم حول حادث الاغتيال حتى لو كان الحديث بيننا».

ويؤكد خورشيد «أكد حليم نظر زاده نفسه أن مصدر الأموال التي دفعت لاغتيال كنجايوف هي إيران، وأكد أن هذه الأموال من بيت المال، وأنها حلال وبالتالي يمكن استخدامها».


فرصة مهدرة

منحت الحكومة الطاجيكية فرصة للحاج نظر زاده حليم المتورط في ارتكاب جرائم بشعة، حيث أصدرت القيادة العليا للبلاد عفواً بحقه، وغضت النظر عن جرائمه للحفاظ على السلام والوحدة الوطنية والاتحاد، وعينته في مناصب عليا عسكرية، منها نائب وزير الدفاع، وذلك ليكف عن أفعاله الإجرامية، وليسهم في إعمار البلاد، لكنه فوّت الفرصة.

حصل نظر زاده حليم على مناصب عسكرية رفيعة وثروة طائلة، لكنه كان على وشك ارتكاب جريمة بشعة في 4 سبتمبر 2015 مستجيباً لمقاصد وأهداف أسياده الإيرانيين، حيث كاد يقوم بعملية جبانة ومسلحة من شأنها أن تؤدي إلى مقتل عدد من المواطنين والموظفين في الأجهزة الأمنية ووزارة الداخلية وتلحق خسائر بميزانية الدولة، لكن العملية أحبطت قبل وقوعها.

 


قاتل

يؤكد أشرفوف «كانت إيران تحرص على اغتيال المثقفين لأن ذلك يضعف الحكومة الطاجيكية، ويمكن إيران من تنفيذ سياساتها هناك».

بدوره، يؤكد رستم ناركي «اختصاصي كان القتل، وكانوا ينادوني بالقاتل «كيلر»، كان ينادون حكيم بـ «مطلق الرصاص».. كانوا يلقبون أفراد المجموعة بناء على ما يتقنه كل منهم».

ويضيف «كنا نتفاخر فيما بيننا، ففي كل جلسة يقول الأعضاء لقد اغتلنا إسحاق والبقية.. وكان عبدالله يقول نحن قمنا باغتيال قاسمي.. وكان سهراب يقول نحن قمنا باغتيال الحاج غلام إسحاقي.. تم اغتيال كل هؤلاء وآخرين غيرهم بناء على أوامر إيران وحزب النهضة.. تم اغتيال مستشار الرئيس كريموف في طاجيكستان، وكثير من العلماء والصحفيين والمثقفين الذين عرفوا العالم بالثقافة الطاجيكية.. كانت إيران تريد ألا يعرف أحد الشعب الطاجيكي، لذلك خططوا لاغتيال الزعماء والعلماء وخاصة الأفراد المطلعين على التاريخ والثقافة.. كانوا يريدون أن يضيع الشعب بلا هوية».