استقبل نائب خادم الحرمين الشريفين الأمير محمد بن سلمان الوفد الأميركي إلى الشرق الأوسط برئاسة صهر الرئيس الأميركي ومستشاره جاريد كوشنر، وكان الوفد قد بدأ زيارته إلى المنطقة من جدة، والتي ستشمل الإمارات والأردن وقطر وفلسطين وإسرائيل من أجل تحريك عملية السلام، واُستبقت هذه الزيارة باجتماع تنسيقي عقد في القاهرة يوم السبت الماضي لوزراء خارجية كلّ من مصر والأردن وفلسطين الموقّعين على اتفاقات كامب ديفيد ووادي عربة وأوسلو مع إسرائيل، وذلك لتوحيد جبهة السلام العربية.

إن متابعة عملية السلام الفلسطينية الإسرائيلية تعتبر من القضايا الصعبة والبالغة الدقة، لأنّ عمليات السلام السابقة مع إسرئيل لم تعط أي مؤشرات قبل حدوثها،إذ لم يكن أحد يتوقّع خطوة الرئيس السادات بالذهاب إلى القدس، وكذلك الاتفاق في وادي عربة. وكذلك توقيع الاتفاق بين أبو عمار وإسحاق رابين في حديقة البيت الأبيض برعاية الرئيس كلينتون في 13 سبتمبر 1993، والذي كان قد أعلن عنه قبل ثلاثة أيام فقط في أوسلو.

عند الحديث عن عملية السلام الجميع يفضلون التشاؤم، رغم أنها في أساس استقرار المنطقة وتحوّلاتها، وخصوصا أن العرب استنزفوا سبعة عقود في النزاع العربي الإسرائيلي، والذي تسبب في تعطيل منظومتهم جامعة الدول العربية التي تأسست في 15 مارس 1945 على أساس برتوكول الإسكندرية الموقع في 7 أكتوبر 1944، بعد أن اعترضت الجامعة العربية على قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة 181 في 29 نوفمبر 1947 الذي يقسّم فلسطين إلى دولتين عربية وإسرائيلية، ودخلت في حرب فلسطين 1948، أو ما عرف بنكبة فلسطين، وصدور القرار 194 بتاريخ 11 ديسمبر 1948، والذي يتحدّث عن حقّ العودة أو التعويض وبدء ما عرف بأزمة اللاجئين الفلسطينيين.

عرفت عملية السلام حروبا كبرى، منها حرب الأيام الستة أو 5 يونيو 1967 ونتائجها الكارثية. إذ احتلت إسرائيل المزيد من الأراضي في الضفة الغربية وسيناء والجولان، وصدور القرار 242 الذي دعا إلى وقف إطلاق النار فوراً والانسحاب من «أراض احتلت» أو «الأراضي التي احتلت». وهناك خلاف على ترجمة القرار بين الفرنسية والإنجليزية لذلك يتحدّث العرب عن حدود الرابع من يونيو 1967 أي الانسحاب من الأراضي. والبند الثالث كان احترام حدود جميع الدول. وكانت هذه الفقرة من القرار 242 تعتبر اعترافا واضحا من دول الطوق العربية بحدود دولة إسرائيل.

كانت حرب أكتوبر 73 من أجل تحرير الأراضي المصرية والسورية المحتلة، حيث نجحت القوات المصرية في عبور قناة السويس وتدمير خط بارليف العسكري. ونجحت سورية بتحرير مدينة القنيطرة. وصدر القرار 338 لعام 73 الذي يتضمن أوّلا وقف إطلاق النار فورا، وثانيا تنفيذ القرار 242، وثالثا الشروع فورا بمحادثات سلام، وذهب القائد العسكري المصري محمد الجمسي إلى مفاوضات الكيلومتر 101. وذهب رئيس الأركان السوري حكمت الشهابي إلى جنيف واجتمع مع موشيه دايان، وتمّ ما عرف باتفاقات فكّ الارتباط في سيناء والجولان.

جاءت حرب الخليج الثانية ومشاركة دول إعلان دمشق في تحرير الكويت وعاصفة الصحراء في 17 يناير 1991، والتي كانت من نتائجها إطلاق عملية مدريد للسلام بقيادة بوش الأب في 30 أكتوبر 1991، وجرت المفاوضات الثنائية بين أطراف النزاع والمفاوضات المتعددة بمشاركة ما يزيد عن ثلاثين دولة إقليمية ودولية، مع مشروع الجامعة الشرق أوسطية والبنك الشرق أوسطي لتمويل المشاريع العملاقة المتعلّقة بالسلام، بديلاً عن البنك الدولي آنذاك. لم يكتب لعملية مدريد النجاح بسبب فشل بوش الأب بالفوز بولاية ثانية. وتحوّلت عملية السلام إلى اتفاقات أوسلو ووادي عربة ثم مفاوضات جنيف بين كلينتون وحافظ الأسد، الذي أعلن عن استعداده لسلام الشجعان وما عرف فيما بعد بوديعة رابين، الذي اغتيل في 4 نوفمبر 1994 خلال مهرجان مؤيد للسلام في إسرائيل على يد متطرّف إسرائيلي.

عقدت قمة الملوك والرؤساء العرب في عمان 2001، وتمّ فِيهَا إقرار مؤسّسة القمة العربية داخل الجامعة التي أصبح انعقادها دوريّاً كل عام في النصف الثاني من شهر مارس. وكانت القمة الدورية الأولى في بيروت 2002، وبعد أحداث 11 سبتمبر 2001، حيث أقرّت القمة العربية المبادرة العربية للسلام، وتشكلت لجنة من بعض وزراء الخارجية لمتابعة المبادرة. ستدخل عملية السلام، في الأيام القادمة في سباق بين الأقوال والأفعال.