لأهالي مكة المكرمة عادات وتقاليد وطقوس تختلف عن باقي مثيلاتها من مدن المملكة في الحج، وذلك لأنها المدينة التي تتأهب من شهر شوال لاستقبال مئات الآلاف من الحجاج احتفاء بهم وخدمة لهم. وقد حافظت العديد من الأسر المكية على هذه العادات الموروثة منذ أكثر من 100 عام، ومازالت تمارس بعضها حتى وقتنا الحاضر.



استقبال الحجاج

قالت السيدة نوال ناجي لـ«الوطن» منذ منتصف شهر شوال ومكة المكرمة كلها تتأهب لاستقبال الحجاج، ويختلف هذا التأهب بين المطوفين والزمازمة وأهالي مكة المكرمة، فعادات أهالي مكة المكرمة تتمحور في التجهيزات الأولية لصناعة «المعمول والغُريبة» منذ دخول شهر ذي الحجة في البيوت من قبل ربة المنزل وبناتها يدويا والتفنن في نقشاته، ومن ثم توزيع المعمول والغريبة في عبوات وتوزيعها على الجيران وأفراد الأسرة المقيمين في بيوت منفصلة عن منزل العائلة، مع الاحتفاظ بكمية من المعمول والغريبة للأسرة نفسها. وأرجعت ناجي، صناعة المعمول واقتناء كميات من «الشابورة» والمكسرات «النُقل» المجففة ودجاج البر، لعدم توفر الخبز الكافي في الماضي في الحج وتسخير كل المواد الغذائية للحجاج خاصة أيام التروية والوقوف بعرفة والمبيت بمنى، فكانت مخابز وأفران مكة في الصباح تخلت عن بيع الخبر لأنهم كانوا يوفرونها للحجاج لتأمين مؤونتهم في المشاعر المقدسة.



الحج عرفة

تضيف السيدة هدى فاضل، كنا نحرص إذا قدم شهر الحج على التسامح من بعضنا البعض، ونحرص على عدم قص الأظافر أوالشعر استعدادا للحج، فنكون مستعدين لأي عرض لأداء مناسك الحج فالحج عرفة، فقد يأتي طلب عرض الذهاب للحج من رب الأسرة صباح يوم عرفة، وفي حال عدم الذهاب لأداء مناسك الحج، تحرص السيدات على اصطحاب بنتاهن وأطفالهن لقضاء يوم عرفة في الحرم المكي الشريف للصلاة والطواف فيه وهن صائمات ومن ثم الإفطار وصلاة العشاء، وذلك شوقا للحرم والكعبة المشرفة لامتناع أهالي مكة المكرمة عن الذهاب إلى الحرم منذ دخول ذي القعدة وحتى محرم، لتسخير الحرم لضيوف الرحمن وعدم مزاحمتهم ولايزال كثير من الأسر محافظين على هذه العادة السنوية.



ذبح الأضاحي

تؤكد السيدة خديجة نور، بعد قضاء يوم عرفة في الحرم نعود إلى المنزل للاستعداد لذبح الأضحية التي يقوم رب المنزل بذبحها في المنزل بعد فجر يوم عيد الأضحى وسلخها وتقسيمها، جزء للبيت وجزء هدايا للجيران وجزء لصدقة فقراء مكة، ويجتمع الأهالي والأطفال في منزل كبير العائلة لتناول وجبة الغداء الذي تتميز بالطبخات الحجازية «مقلقل اللحم» و«المقادم» و«السقط» والسلطة الخضراء والأرز الأبيض المسلوق مع بعض البهارات، وحاليا يتم ذبح الأضحية بالمسالخ النظامية.

وتضيف السيدة هند بهادر، كانت السيدات في مكة المكرمة قبل أكثر من 60 عاما ولمدة 3 أيام «أيام الخُليف»، وسميت بذلك لخلو مكة المكرمة من الرجال الذين يقومون بخدمة الحجاج الذين بدورهم يبيتون بمنى لإتمام مناسك الحج، وتتسلى النساء ويخرجن في طقس فولكلوري يمارسن لعبة «القيس» التي اندثرت منذ عدة أعوام، والتي كانت النساء في بعض أحياء مكة القديمة كجرول وأجياد والغزة شعب علي وشعب عامر وغيرها، يتنكرن فيها بزي الرجال ويخرجن بالحواري بعد منتصف الليل مرددين بعض الأهازيج الشعبية، بهدف التسلية والتأكيد على شجاعة المرأة وقدرتها على حماية الحارة في غياب الرجال.