أعادت العمليات المسلحة الأخيرة في الجزائر، مخاوف الحرب على الإرهاب قبل أكثر من 25 عاما.

وقال مراقبون، إنه رغم الجهود التي تبذلها السلطات للقضاء على الإرهاب، إلا أن الخطر ما زال قائما، والجماعات الإرهابية تستغل أي فرصة للعودة إلى الواجهة. وكان الجيش الوطني الجزائري نجح خلال الأيام الأخيرة في تنفيذ عمليات نوعية، سمحت بضبط إرهابيين، وضبط أسلحة خطيرة، مع كشف وتدمير مجموعة من المخابئ التي تستغلها جماعات الإرهاب، كما قُتل شرطيان -أول من أمس- عندما فجر انتحاري حزامه الناسف لدى محاولته دخول مديرية الشرطة في تيارت التي تبعد 350 كلم جنوب غربي العاصمة الجزائرية، وتبنى تنظيم داعش الاعتداء.



سلسلة من الصراعات

قالت تقارير، إن أولى محاولات رفع السلاح ضد الدولة تحت راية «الدين الإسلامي» كانت في عام 1988 من القرن الماضي، مع ما عرف بحركة «بويعلي» التي ظهرت غربي العاصمة، ولكن الجماعة التي كانت الأعنف والأكثر دموية هي الجماعة الإسلامية المسلحة، التي تأسست سنة 1992، والتي انضم أعضاؤها بعد ذلك إلى الجماعة السلفية للدعوة والقتال، والتي تراجعت عملياتها بعد ضربات قوات الأمن والجيش، ومن ثم قررت إعلان الولاء لتنظيم القاعدة، وأعلنت تأسيس تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي سنة 2006، وشرعت في تنفيذ عمليات انتحارية بلغت أوجها سنة 2007، عند استهداف قصر الحكومة ومقر الأمم المتحدة والمجلس الدستوري، في أعنف تفجيرات عرفتها الجزائر، والأكثر دموية في تاريخ العمل الإرهابي.

وحسب التقارير، فإن قوات الأمن والجيش التي فوجئت بهذا التصعيد الإرهابي، وبالطرق الجديدة التي لجأ إليها التنظيم، سرعان ما تمكنت من تطويق العمل الإرهابي، ودفعته خارج المدن الكبرى، الأمر الذي جعل التنظيم يلجأ إلى جبال منطقة القبائل التي بقي محتميا بتضاريسها الصعبة.



 مشاعر حقيقية

أكد مراقبون أن مخاوف عودة الإرهاب للجزائر حقيقية، ويجب التعامل معها من هذا المنطلق، وتعود أساسا إلى تعثر الوضع الإقليمي، إضافة إلى تمدد الظاهرة الإرهابية، خاصة بعد الهزائم المتلاحقة لتنظيم داعش في سورية والعراق، وانهيار الوضع في ليبيا، مشددين على أن الجزائر أمام مرحلة دقيقة أمنيا، تستوجب إستراتيجية على محورين:

الأول: يتمثل في التأمين الشامل للحدود، والحيلولة دون أي اختراق لها. 

والثاني: العمل على القضاء على بقايا التنظيمات الإرهابية، والحيلولة دون تشكيل نواة جديدة للعمل الإرهابي.



حرب ضروس

أوضح المراقبون أن الجزائر تخوض حربا ضروسا ضد بقايا الإرهاب، وهي معركة شرسة وطويلة الأمد وليست بالمسألة الهينة، مؤكدا أن قوات الأمن والجيش تعمل بمنهجية متصاعدة، بدليل أنه عندما نقف على حصيلة النصف الأول من 2017، نجدها تساوي حصيلة 2016 بأكملها.

وذكر المراقبون أن المخاطر الأمنية تسير بوتيرة تصاعدية، وأن هناك مخططات تستهدف الجزائر، وأمنها واستقرارها، خلال نقل مراكز ثقل بقايا الجماعات الإرهابية من مكان إلى آخر، لافتين إلى أنه قبل سنوات قليلة كان الحديث عن مثلث تيزي اوزو البويرة وبومرداس، والآن انتقل إلى منطقة تيبازة، مما يؤكد أن هناك محاولات تحريك بقايا العناصر الإرهابية من مكان إلى آخر، بحثا عن ملاذات للتجمع، وإعادة بعث العمل الإرهابي.