تسعى حكومة ميانمار للتهرب من مسؤوليتها عما تلاقيه الأقلية المسلمة في البلاد من محاولات للإبادة، وتفادي الغضب الدولي المتصاعد حيال تصرفاتها، حيث أعلنت أمس أنها تتفاوض مع روسيا والصين لضمان تحركهما لعرقلة صدور أي إدانة رسمية من مجلس الأمن الدولي لأعمال العنف التي أجبرت حوالي 150 ألفا من مسلمي الروهينجا على الهجرة الجماعية إلى بنجلاديش خلال أقل من أسبوعين.

واتهمت زعيمة ميانمار أونج سان سو كي أمس من أسمتهم بـ«الإرهابيين» بأنهم وراء «جبل جليدي ضخم من التضليل»، بشأن العنف في ولاية راخين لكنها التزمت الصمت إزاء النزوح الجماعي للروهينجا.

وتتعرض زعيمة البلاد التي يغلب على سكانها البوذيون لضغوط بسبب الأزمة من دول إسلامية مثل إندونيسيا، حيث خرج آلاف تقودهم جماعات إسلامية في مسيرة بالعاصمة جاكرتا أمس للمطالبة بقطع العلاقات الدبلوماسية مع ميانمار.

وفي رسالة نادرة إلى مجلس الأمن الدولي أعرب الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريس الثلاثاء عن قلقه من احتمال تحول العنف في راخين إلى «كارثة إنسانية»، محذراً من مخاطر حدوث تطهير عرقي في ميانمار ربما يتسبب في زعزعة استقرار المنطقة.



نزوح جماعي

وفق أحدث تقديرات أصدرها عاملون في الأمم المتحدة في كوكس بازار وصل على مدى 12 يوما مضت 146 ألفا من الروهينجا إلى بنجلاديش، ليرتفع عدد الروهينجا المسلمين الذين لجأوا إليها منذ أكتوبر الماضي إلى 233 ألفا.

وأبلغ وافدون جدد السلطات أن ثلاثة قوارب تحمل أكثر من 100 شخص انقلبت في الساعات الأولى من صباح أمس، وجرفت الأمواج إلى الشاطئ 6 جثث من بينها جثث 3 أطفال.

وقال مصدران بحكومة بنجلاديش إن ميانمار تقوم منذ ثلاثة أيام بزرع ألغام أرضية عبر قطاع من حدودها مع بنجلاديش، وأضافا أن الغرض من ذلك قد يكون لحيلولة دون عودة الروهينجا المسلمين الذين فروا من العنف في ميانمار.



إدانة مصرية

دانت مصر أعمال العنف التي يشهدها إقليم الراخين في ميانمار، وطالبت سُلطات ميانمار باتخاذ الإجراءات اللازمة لوقف العنف، وتوفير الحماية اللازمة لمسلمي الروهينجا للحيلولة دون المزيد من تدهور الوضع الإنساني في البلاد.

وأكدت مصر دعمها للجهود الإقليمية والدولية الرامية إلى معالجة الوضع الإنساني المتفاقم نتيجة هذه الأزمة، مُطالبة بالتجاوب مع المساعي التي تبذلها منظمة التعاون الإسلامي لإيجاد حل فعال لهذا الوضع الخطير.

الجامعة العربية تستنكر

استنكر الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، تصاعد الانتهاكات المختلفة بحق أقلية الروهينجا المسلمة في ميانمار، وقال في بيان صحفي أمس إن التقارير والأخبار، ومن بينها تقارير للأمم المتحدة ولجان دولية مستقلة، أوجدت استياء وقلقا بالغا لدى الرأي العام والشعوب العربية التي تمثل جزءا وركنا أساسيا من شعوب العالم الإسلامي.

وطالب أبو الغيط، السلطات في ميانمار بتحمل مسؤولياتها، ووقف هذه الانتهاكات في أسرع وقت ممكن، واتخاذ الإجراءات اللازمة للتحقيق في الانتهاكات التي وقعت ومحاسبة مرتكبيها، مع العمل على تحسين الأوضاع المعيشية لمسلمي الروهينجيا ومعالجة المشكلات التي يعانون منها منذ عقود.



تعاضد التعاون الإسلامي

أكدت الهيئة الدائمة المستقلة لحقوق الإنسان لمنظمة التعاون الإسلامي انضمامها إلى المجتمع الدولي لحقوق الإنسان في الإعراب مجدداً عن فزعها وصدمتها إزاء الموجة الأخيرة والمستمرة من العنف العشوائي الذي تمارسه سلطات ميانمار ضد أقلية الروهينجا المسلمة.

ولفتت إلى أن تقارير الأمم المتحدة والمنظمات الدولية لحقوق الإنسان، بما في ذلك التقرير الأخير للجنة الاستشارية الدولية للسيد كوفي عنان (الذي عينته حكومة ميانمار)، شددت مرارا وتكرارا على أنه «إذا لم تعالج الشواغل المتعلقة بحقوق الإنسان معالجة سليمة، وإذا ظل الناس مهمشين سياسيا واقتصاديا، فإنه سيوفر أرضية خصبة للتطرف، مشيرة إلى أنه عوضاً عن الانتباه إلى هذه التقارير المستنيرة، تستخدم حكومة ميانمار القوة العسكرية العشوائية، بما في ذلك المدفعية الثقيلة، ضد السكان المدنيين، واصفةً العمليات الأمنية الأخيرة، بما في ذلك هجمات الحرق المتعمد ضد قرى الروهينجا، وإساءة معاملة المدنيين، بما في ذلك التعذيب والاغتصاب والقتل خارج نطاق القانون، بأنها تشكل مصدر قلق بالغ للمجتمع الدولي بأسره، ولا سيما جميع المسلمين في جميع أنحاء العالم.

 وأبانت الهيئة، أنه ونتيجة للتجاوزات الشديدة من قبل قوات الأمن في ميانمار، التي أدت إلى ارتفاع عدد القتلى بين السكان المتضررين خاصة مسلمي الروهينجا، قام برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة بتعليق جميع أعمال الإغاثة في ولاية راخين بسبب مخاوف تتعلق بالسلامة، ما سيؤثر على حوالي 250 ألفا من النازحين وغيرهم من الفئات الضعيفة من السكان.

 كما تنضم الهيئة إلى الهيئات الخاصة للأمم المتحدة في مطالبة حكومة ميانمار بالتنفيذ الإيجابي لتوصيات اللجنة الاستشارية الدولية (لكوفي عنان) بشأن ولاية راخين، إذ تشمل هذه التوصيات المطالب بحل قضايا المواطنة وحرية التنقل والمشردين داخليا، وإتاحة الوصول إلى وسائل الإعلام والمساعدات الإنسانية دون قيود، وتوفير التعليم والصحة والتنمية، واتخاذ إجراءات عاجلة ومستمرة بشأن عدد من القضايا لمنع العنف، والحفاظ على السلام، وتعزيز المصالحة، وإعطاء إحساس بالأمل للسكان الروهينجا الذين يعانون من ضغوط شديدة.

وحثت الهيئة جميع الدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي، ولا سيما الدول المجاورة لميانمار، على مواصلة مخاطبة حكومة ميانمار، وحثها على الوفاء بالتزاماتها بكفالة وتعزيز وحماية حقوق الإنسان لجميع مواطنيها لا سيما أقلية الروهينجا المسلمة المضطهدة.