كنا ولسنوات نعتقد بأن الخبث في السياسة والحرب هي فن تمتهنه الصهيونية العالمية التي كانت تقتل الأبرياء في فلسطين والعالم العربي وعند أي رد فعل مندد بأفعالها تبدأ باتهام الجميع بالعداء للسامية والعنصرية بحقها لنكتشف بعد سنوات أن هناك من فاق الصهاينة صهيونية وخبثا ودجلا، بل فاق من وصفهم الحجاج يوماً بأهل الشقاق والنفاق ومساوئ الأخلاق. إنه أمين عام ميليشيا حزب الشيطان حسن نصرالله الذي مارس وحزبه أفظع عمليات القتل والترهيب بحق اللبنانيين، وبعد ذلك السوريين، وكان له دور كبير في التحريض على الفتنة في اليمن والبحرين والسعودية، وزد على ذلك التفاوض مع تنظيم داعش من أجل إخراج مقاتليه بالحافلات المكيفة من جرود القاع في لبنان إلى دير الزور السورية، وبعد كل ذلك يتهم نصرالله كل من ينتقده بأنه وهابي وداعشي وإرهابي أو التهمة القديمة وهي عميل!

إن حقيقة حزب الشيطان حسن ساطعة كالشمس، ولا يمكن إخفاؤها، فهو يسعى منذ تأسيسه إلى فرض السيطرة على لبنان، والاستيلاء على مقدراته، وتدوير سياساته لتصب في مصلحة إيران ونظامها ومشروع الدولة الإسلامية الذي لا يقل خبثاً عن مشروع الصهيونية، فحلم الأول تشكيل هلال شيعي يمتد من قم إلى بيروت، وحلم إسرائيل بدولة من النيل إلى الفرات، وبين هذا المشروع وذلك الحلم يسقط عشرات آلاف الأبرياء من أبناء منطقتنا وقوداً لهذه المحرقة التي يغذيها الإرهاب الإيراني من جهة والعنف الإسرائيلي من جهة أخرى!

تكاد لا تجد اليوم في المنطقة العربية أي تفاؤل من قبل العرب المناهضين للمشروع الإيراني، ويعود ذلك إلى استمرار عمليات القتل والإرهاب بحق كل معارض لهذا المشروع، ولو نظرنا قليلاً إلى لبنان لشعرنا بحجم الإحباط الذي أصاب مواطنيه نتيجة ظلم القضاء والأجهزة الأمنية ومؤسسات الدولة في التعاطي مع المسلمين العرب السنة بشكل خاص، ومحاسبة المعترض فيهم على أبسط المواضيع السياسية، فإذا انتقدت ميليشيا حزب الشيطان حسن تعمل الأجهزة بكافة فروعها على فبركة ملفات وقضايا لك تبدأ باتهامك بالتشويش على العيش المشترك، وتنتهي بتشكيل عصابة مسلحة والانتماء إلى تنظيم إرهابي، بهذه البساطة يحولك القضاء العسكري اللبناني من معارض بسيط إلى إرهابي خطير في خطة ممنهجة لإخافة كل لبناني من الاعتراض على مشروع إيران في البلد.

إن السيطرة التي يفرضها حزب الشيطان حسن على مخابرات الجيش اللبناني والمحكمة العسكرية مكّنته من فبركة عدد كبير من القضايا ضد لبنانيين من طرابلس وصيدا والبقاع، انتفضوا سابقاً ضده عندما اجتاح بيروت والجبل في 2008، وتم إلقاء القبض عليهم وزجهم في السجون لسنوات طويلة دون محاكمة، مما أسهم في تخريج جيل جديد من الحاقدين والإرهابيين، وربما تجار المخدرات خصوصاً لمن دخل السجون في أعمار صغيرة لأنه يوماً تظاهر ضد سلاح الحزب وترهيبه للبنانيين!

إن من تابع مجريات أحداث عبرا في لبنان قبل سنوات يستطيع أن يتأكد أن التعامل مع حزب الشيطان حسن ليس بالأمر السهل، فهذا الحزب الذي نشأ على الخبث والكذب والغدر قامت مجموعاته بإطلاق النار على الجيش اللبناني من شقق يسكنونها في المنطقة، مما أوقع عددا من القتلى والجرحى ليرد الجيش بإطلاق النار باتجاه مجموعات تابعة لأحمد الأسير فيشتبك الجانبان برعاية من ميليشيات سرايا المقاومة التابعة للحزب، ويتحول الحزب الذي أشعل هذه الاشتباكات إلى بطل مساند للجيش في عملياته، ويتحول سكان منطقة عبرا إلى إرهابيين يجب القصاص منهم، وتنتهي المعركة وتنكشف الحقيقة، حزب إرهابي وجيش خائن تحالفا ضد الأبرياء في منطقة رفضت مشاركة حزب الشيطان حسن في الحرب السورية، ورفضت بقاء بشار الأسد في السلطة، فجاءها العقاب قتلاً واعتقالاً، وأخيراً محاكمة فحكم على الأسير بالإعدام، وعلى فضل شاكر الذي لم تستطع الدولة اللبنانية تقديم دليل واحد على مشاركته في المعركة حكمت عليه بـ15 عاماً، وحكمت محكمة الترهيب والغدر العسكرية على آخرين بالسجن لسنوات دون أي سبب، بل فقط لأن حزب الشيطان حسن أراد ذلك.

قبل سنوات تم اعتقال المدعو فايز كرم، وهو أحد المقربين من رئيس الجمهورية ميشال عون، واتهم كرم بالتعامل مع إسرائيل، ولأنه من حلفاء حزب الشيطان حسن لم يبق طويلاً في السجن، وانتهى الأمر بخروجه بكل هدوء ودون أي انتقاد من قبل الحزب أو أي تيار وفصيل سياسي لبناني، وبعدها تم اعتقال ميشال سماحة بعد أن تم تسجيل اعترافات له بالتحضير لتنفيذ عمليات إرهابية على الأراضي اللبنانية بأوامر مباشرة من بشار الأسد ونظامه، ولو نجح في تنفيذ هذه العمليات لكانت سبباً في إشعال حرب أهلية في لبنان تتسبب في مقتل الآلاف، ومع ذلك فكان الحكم مخففاً على سماحة، وانتهى ملفه إلى النسيان، نعم في لبنان بلد العجائب نظام فاسد ومؤسسات مخترقة وجيش يتحكم بقراراته حزب الشيطان حسن من هنا وتيار وسياسي ونافذ آخر من هناك.

لم يتبق من لبنان إلا اسمه وتاريخه، أما حاضره فهو فساد وخروج عن الإجماع العربي، وانبطاح أمام المشروع الإيراني، وتسليم للسلطة بكافة جوانبها إلى كل من يعادي المملكة العربية السعودية والمشروع العربي الرافض للنفوذ الإيراني، أضف إلى ذلك تمويل ودعم الإرهاب في سورية واليمن والعراق والبحرين على يد حسن نصرائيل وعصابته الأكثر إرهاباً في المنطقة العربية. إليك يا حسن نقولها لكم كما قالها الحجاج بن يوسف الثقفي يوماً، إني لأرى رؤوساً قد أينعت وحان قطافها وإني لصاحبها، والله لكأني أنظر إلى الدماء بين العمائم واللحى.

 يا أهل الشقاق والنفاق ومساوئ الأخلاق إنكم طالما أوضعتم في الفتنة واضطجعتم في مناخ الضلال وسننتم سنن الغي.. وأنت تعرف باقي الخطبة وما حصل بعدها، فلا تعتقد أنك ستُترك بوقت طويل قبل أن تُحاسب حساباً عسيراً على ما ارتكبته من إجرام وإرهاب وغدر وظلم فاق ما تعرض له جدنا الحسين بن علي بأضعاف وأضعاف.