وأخيرا سقط سارق الآثار المصرية «حمد الكواري»، صانع الشبكات الإرهابية الناعمة، وحبيب اللوبي الصهيوني، ورائد التطبيع الثقافي مع إيران، سقط لأن التربية والعلوم والثقافة بكل محاضنها وضعت لتسهم في بناء السلام، والقضاء على الفقر، وتحقيق التنمية المستدامة، وإقامة الحوار البناء بين ثقافات الشعوب، وتشكيل منطلقات استراتيجية لتسخير المعارف، ومواجهة التحديات الاجتماعية والأخلاقية، وتعزيز التنوع الثقافي وبناء مجتمعات معرفية.

ترى ماذا في جعبة قطر البائسة والمقفرة من هذه التجارب والمرجعيات الذهنية والحسية، وطفرات الفعل التراكمي، إنه الهوس البليد وعمى التكوين القاصر، وهامشية البلاهة، والمعطى المنقوص والآفل، سقط الكواري وأصبحت «اليونيسكو» في مأمن من أن تتحول إلى وكر للإرهاب، وأقبية للمؤامرات، ومدافن منزوعة الكرامة والأخلاق، سقط ونجحت «اليونيسكو» في تمزيق ثوب العار والغبار وبهتان النجاسة، وخراب البوار.

ليس بالمال الخبيث يتسنى للأقزام القفز على أسوار التاريخ، أو الارتماء فوق مدارات المنطق وجوهر المضامين العميقة، هناك مرشحون خرجوا من ذلك السباق ومنعطفاته دون أن تمس رمزيتهم وبلدانهم عوارض الزيف المضللة، وانهدام المال المفضوح، والعلاقات السرية الخفية، جاؤوا وتنافسوا ليحققوا التداخل الثقافي والتفاعل الكوني، والانخراط في رهانات الزمن الحاضر، ومفاهيم وتصورات الغد ومستقبلياته، هرعوا ليلحقوا بإيقاع اللحظة وارتياد الأقاصي من التجارب وتخوم المعرفة والتطور الإنساني، ولم يأتوا لإشاعة الكراهية والخيبة والخذلان والعبثية السوداء، أما صاحبنا فقد جاء تحفه طبول المرتزقة، وأبواق الإعلام الرخيص، ويباب الوطن المستباح، جاء يتوكأ على «صرة» المزاد، وقراصنة الحلم المضاع، وصباغ الجدران الرثة، خرج من المعركة مترنحا كسيرا متسائلا عن مصير تلك الأوراد والأدعية المتضرعة التي أغدقها على قبر وضريح «الخميني» والتبرك به قبل الذهاب إلى باريس، أين ذهبت تلك الترانيم والبكائيات وطوالع النصر الموهوم، ونشيج الروح أمام قبره المعتم؟ أين حزمة الحطب اليابس، وغربان اللعنة، وجراد الغابة المسمومة من إفريقيا وأميركا اللاتينية، الذين تلاشوا كالسراب، وغابوا كمداخن الأزقة المظلمة، وهربوا بالمال المعفر بالتراب والمهانة؟

أين الأصدقاء الصهاينة وقد وعدتهم بحذف المسجد الأقصى من قائمة التراث الإسلامي؟

يقول مدير قسم العلاقات الدولية في مركز «سيمون وزنتال»: «قامت قطر بحملة ضغط كبيرة، وحوافز مالية لبعض الدول لكسب تأييدها لمرشحها». وأخيرا فازت «أودري أزولاي» المرشحة الفرنسية، مغربية الأصل، لتتربع على عرش «اليونيسكو» وعاد صاحبنا إلى دكانه في سوق «واقف».