في سابقة هي الأولى من نوعها في مجال تطوير المناهج الدراسية في المملكة العربية السعودية دعت شركة تطوير للخدمات التعليمية، مع انطلاق بوابة التعليم الوطنية «عين» بإصدارها التجريبي، الطلاب والمعلمين وأولياء الأمور إلى طرح مقترحاتهم حول المناهج الدراسية، في محاولة لتلافي الأخطاء على المناهج السابقة.

‎ومن أجل تلك الغاية وضعت «عين» رابطا إلكترونيا لتلقي المقترحات، تحت عنوان (رأيك يهمنا)، والحق أنها خطوة رائدة، تحسب للبرنامج وللشركة، لولا إصرار البوابة الإلكترونية، عبر هذا الرابط تحديدا، على أن تكون المقترحات المطروحة جزئية لا كلية، وذلك من خلال تحديد خيارات المنهج، وهي تشمل: المرحلة التعليمية، والسنة، والمادة، ورقم الصفحة، وكأن البوابة تسلّم سلفا بأن المناهج جيدة بالجملة، وأن الأخطاء فيها لا تتجاوز الجوانب الشكلية التي يمكن تحديدها باختيار رقم الصفحة وتحديد السطر لكل مادة.

هذا النوع من التطوير المبتسر لن يفيد المناهج في شيء، وقد علمنا من حالها، ما يجعلها بحاجة ماسة إلى تطوير جذري يتجاوز ما تسمح بوابة البرنامج باقتراحه، ثم إن مجرد اقتراح تغيير كلمة أو عبارة في صفحة من كتاب دراسي يتعارض تماما مع تصريحات وزير التعليم السعودي الدكتور أحمد العيسى الأخيرة حول سعي الوزارة للتخلص من الكتب الورقية خلال سنتين أو ثلاث، مما يعني أن إعادة النظر فيها اليوم يعد هدرا للمال والوقت فيما لا طائل من ورائه.

تصريح الوزير هذا جاء إبان تدشينه لبرنامج «بوابة المستقبل»، الذي يهدف- بحسب الوزير- إلى تطبيق التحول الرقمي في جميع مدارس المملكة للبنين والبنات، والمساهمة في التحول إلى بيئة رقمية تفاعلية.

وكان هذا البرنامج قد شمل هذا العام 150 مدرسة، فيما يمثل المرحلة الأولية، والتي سوف تصل إلى 1500 مدرسة العام المقبل، في سبيل تغطيه مدارس البنين والبنات جميعها، وهو ما يتفق مع برنامج التحول الوطني 2020.

وفي الوقت الذي أعلن فيه وزير التعليم عن انطلاقة برنامج «بوابة المستقبل» كان قد أعلن في مصر عن فوز

82 طالبا وطالبة من خمس محافظات مصرية بجائزة (اصنع كتابك الإلكتروني) التي يدعمها ويمولها المركز القومي المصري للتعليم الإلكتروني، وتهدف إلى إشراك الطلاب في صناعة مناهجهم التعليمية، وتنشئتهم على السعي نحو المعرفة، بدلا من وصولها جاهزة إليهم، في قوالب مسبقة التحضير، ليس لهم فيها إلا رصد الأخطاء، وتحديدها بالسطر والصفحة.

تلك التجربة سبقتها تجارب أخرى في الدول العربية، منها تجربة الإمارات الشقيقة في (التعليم الابتكاري) التي أقرت ضمن خطة التحول الوطني 2021، والتي تسعى إلى توفير تعليم قائم على ابتكارات الطلاب المعرفية، تحت رعاية المبادرات الوطنية المعنية بالابتكار والإبداع، وأن يتضمن ذلك وجود مراكز لتلك المبادرات في كل مدرسة من مدارس الدولة، حتى يكون تنفيذ الخطة سريعا، لا يمر ببيروقراطية العمل الحكومي الاعتيادية.

وفي عُمان، يأتي التركيز على التعليم المهني للطلاب، منذ المرحلة الثانوية، ليبرهن عن سعي حثيث من قبل الجهات القائمة على التعليم على التخلص من فكرة التلازم بين الدراسة والوظيفة الحكومية، وذلك بالتركيز على ميول الطلاب وقدراتهم الفعلية، منذ الصف العاشر (الأول الثانوي)، من خلال ما يقدمه مقرر (مسارك المهني)، الذي يقدم للطالب تحت رعاية (مشرفه المهني) في المدرسة، حتى إذا ما انتهى من الدراسة النظامية استطاع أن يحدد طريقه إلى الجامعة أو خارجها، بحسب ما لديه من قدرات وميول حقيقية.

هذه بعض التجارب والباقي كثير، فلعل بوابة التطوير الوطنية وبوابة المستقبل تفيدان من تلك التجارب وغيرها؛ لصناعة تعليم يرتقي بالأجيال، ويحقق تطلعات القيادة الحكيمة في المملكة من خلال تبنيها لبرنامج التحول الوطني 2020 أولا، ثم لرؤية المملكة 2030.