كانوا يتدخلون بكل صغيرة وكبيرة في حياتنا، وبكل شاردة وواردة. كانوا يتدخلون بهواياتنا، علاقاتنا مع بعض، طريقة كلامنا، لبسنا، أمراضنا، أحلامنا، حتى في علاقاتنا الزوجية!

كل ذلك حصل برضانا وقبولنا. كنا كالمسحورين أمامهم لا نملك إلا الانصياع لهم والتسليم لانتهاكاتهم السافرة. كل ما أتذكر كيف كانوا يسيطرون علينا بأدق تفاصيل حياتنا أتعجب!

أتعجب كيف لأحدهم أن يتدخل بشعرك الذي فوق رأسك، أو بثوبك الذي يحمله جسدك! أتعجب كل ما أتذكر أن الواحد منهم يستطيع أن يحرمك أنت وأصدقاءك سماع الموسيقى في أحد الطرق البرية! أتعجب كل ما أتذكر كيف كان الواحد منا يريد أخذ مباركتهم حتى في علاقته الزوجية. كنا نريد مباركتهم في كل شيء حتى في أعمالنا ومساهماتنا ومصالحنا! أتعجب كيف كنا نركض خلفهم ونسعى لأخذ رأيهم في أبسط الأشياء كحكم البلوتوث، والبلوت، وكرة القدم، والجينز! حتى لبس الساعة في أيدينا بين اليمين واليسار كنا نهرع لأخذ رأيهم فيها! أتعجب أننا نعود لهم في حكم قول «صباح الخير» و«عمتم مساء»، وحكم مشاهدة المرأة لنفسها بالمرآة! بل حتى طريقة ضحكنا بين الابتسامة والقهقهة.

لا أريد الحديث عن المرأة لأنهم كانوا يتدخلون بكل تفاصيل حياتها وجسدها من رأسها إلى أخمص قدميها. ورغم كل ذلك كانوا يتهمون خصومهم بأن هدفهم هو الوصول للمرأة!

عندما تكلمهم المرأة فهي عفيفة طاهرة، وعندما تكلم غيرهم فهي غير ذلك!

لو جمعنا مؤلفاتهم عن المرأة وقارناها بغيرهم سيتضح لنا من المهووس بها حقا.

ما زلت أتعجب كيف تحملناهم وكيف كنا ننتظر مباركتهم بأدق تفاصيل حياتنا.