عمدت الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة إلى تضييق الخناق على الفلسطينيين، داخل ما يسمى «الخط الأخضر»، وفي الضفة الغربية بما فيها مدينة القدس المحتلة، من خلال سنّ قوانين وتشريعات، وإصدار قرارات من قبل الوزارات المختلفة تتصف بكونها عنصرية، وتستهدف الأرض لتهويدها واستيطانها، وتقييد حريات الفلسطينيين.

ويُعرف القانون العنصري بأنه هو كل قانون يستهدف الفلسطيني كفلسطيني أينما وجد، إن كان من خلال قوانين مباشرة، أو غير مباشرة، وقوانين أخرى تبدو في واجهتها وكأنها تعديلات للقوانين الجنائية، إلا أنها تُسن على خلفية أحداث سياسية، هي انعكاس لسياسة التمييز العنصري، سياسة الحرب والاحتلال والاستيطان.

وجرى تصنيف القوانين العنصرية وفق الشرائح المستهدفة التالية: الشعب الفلسطيني في فلسطين التاريخية؛ فلسطينيو 48 والقدس المحتلة؛ فلسطينيو 48، منها داخل ما يتعلق بالانتخابات البرلمانية؛ القدس المحتلة، وفلسطينيون من الضفة مقيمون في مناطق 48؛ الفلسطينيون في الضفة المحتلة؛ لصالح الاستيطان والاحتلال لغرض الضم، لا تشمل قانون القدس؛ الجمعيات والمراكز الحقوقية ومؤسسات التعليم والنوادي، والجامعات الإسرائيلية؛ متضامنون أجانب؛ وضد دول عربية.

وصنفت القوانين العنصرية والداعمة للاحتلال والاستيطان حسب طابعها المباشر إلى قوانين تتعلق بـ: إلغاء حق الشعب الفلسطيني في وطنه؛ نهب ممتلكات وأراض؛ تمييز عنصري؛ عقوبات؛ ضد حرية التعبير والعمل السياسي؛ ضم الضفة.

لقد مارست إسرائيل العنصرية القضائية من خلال تشريعات عنصرية وضعها المشرع المحتل، وهي ذات أهداف عنصرية، ضد الفلسطينيين في الأراضي عام 1948؛ حيث فرضت الحكم العسكري، بكل عنصريته، على الفلسطينيين، لمدة خمسة عشر عاما.

ومن أبرز هذه القوانين والتشريعات العنصرية: قانون النكبة الجديد، قانون التجنيد، قانون إلغاء اللغة العربية، قانون العودة الذي يمنح من العام 1950، امتيازا لكل يهودي في العالم أن يأتي إلى إسرائيل، ويكمله قانون المواطنة من العام 1952، ليمنح كل يهودي أتى إلى إسرائيل، وفقا لقانون العودة، المواطنة مباشرة.

والمفارقة أن إسرائيل لا تعير الفلسطينيين (ضحايا الإرهاب اليهودي) أي اهتمام؛ فقد فشلت في حماية المدنيين الفلسطينيين، وهذا يشكل انتهاكاً للقانون الإسرائيلي المحلي، وهو موضّح في القانون الأساسي الإسرائيلي، حول الكرامة والحرية الإنسانية، الذي تم اعتماده في 17 مارس 1992، وفي القسم الأول منه هناك نص صريح هو: «أن حقوق الإنسان الأساسية في إسرائيل مبنية على الاعتراف بقيمة الحياة الإنسانية، وقدسية حياته وحريته». والقسم الثاني منه ينص على أنه «يجب ألا يكون هناك أي انتهاك لحياة وشخص وكرامة أي شخص». وقد تم التأكيد مجدداً على ذلك في القسم الرابع: «يجب أن تتم حماية حياة جميع الأفراد وأشخاصهم وكرامتهم». أما القسم العاشر من القانون؛ فيطرح تطبيق هذه الحقوق الأساسية: «جميع السلطات الحكومية يجب أن تلتزم باحترام الحقوق وفق القانون الأساسي».

وتتمثل محاولات إسرائيل الفاشلة في تجميل وجوه عنصريتها المتعددة في سن قوانين تحت عنوان: «ديمقراطية تحمي نفسها»، ومن أبرز القوانين التي لا تلقى الاهتمام الكافي لمواجهتها، وهي قيد التشريع، كان القانون الذي يختلق جرم «الكراهية»، مقابل تحديد تعريف «الإرهاب» بما هو فقط ما يرتكب ضد إسرائيل كدولة ومواطنيها، وفي هذه الحالة مواطنيها اليهود. ويتبع هذا الفصل في التعريف، تدريج مختلف للعقوبات، وكل هذا من أجل التخفيف على جرائم المستوطنين واليمين الإرهابية، في حين تكون المقاومة الشرعية ضد الاحتلال هي «إرهاب». فمثلا يستخدم رئيس الوزراء بنيامين نتانياهو مصطلح لن تجد مثيلا له في العالم: «الإرهاب الشعبي»، ويقصد بذلك المظاهرات والمسيرات الشعبية.

ومن القوانين العنصرية والمناهضة لحل الصراع الصادرة خلال الفترة من شهر مايو 2015 وحتى نهاية شهر مارس ‏2016 – على سبيل المثال-التي أقرت بالقراءة النهائية القوانين التالية: قانون الإطعام القسري، قانون رفع العقوبات على ملقي الحجارة والعقوبة حد أقصى تتراوح ما بين 5 سنوات إلى 20 عاما، وقانون التفتيش الجسدي الذي يجيز لكل شرطي أو جندي، في منطقة أعلن قائد الشرطة فيها أنها منطقة ذات أخطار أمنية، أن يفتش أي شخص جسديا في الشارع، حتى من دون أن يكون مشبوها. وقانون الحد الأدنى لعقوبة إلقاء الحجارة الذي يفرض حدا أدنى من ثلاث سنوات في السجن، وأي حكم أقل من هذا يجب أن تقدم له هيئة القضاة تبريرات مقنعة، وقرار الكنيست بتذنيب أعضاء كنيست وفرض عقوبات عليهم، في حال دخلوا إلى المسجد الأقصى المبارك، في فترات توتر أمني، وصدور قرار بمنعهم من الدخول، والمستهدف من القرار الذي اتخذته لجنة «سلوكيات المهنة البرلمانية» بالغالبية، وأقرته الهيئة العامة بالغالبية، هم النواب العرب.

ومن أحدث مشاريع القوانين العنصرية التي اضطر رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتانياهو إلى سحبها من جدول أعمال اللجنة الوزارية لشؤون التشريع، مشروع قانون القدس الكبرى أو الموسعة. وأقرّ نتانياهو بأن واشنطن طلبت مناقشة مشروع قانون «القدس الكبرى» وتوضيحات حول جوهره، بينما قال أشد الوزراء حماسةً لتمرير القانون، وزير النقل يسرائيل كاتس، إنه تم إرجاء بت مشروع قانون القدس الكبرى وليس إلغاءه.

ويقضي مشروع القانون بضمّ بلديات مستوطنات: «معاليه أدوميم» و«بيتار عليت» و«بسغات زئيف» و«أفرات» وسائر مستوطنات «غوش عتسيون» أي نحو 150 ألف مستوطن- إلى بلدية القدس، بغية ضمان غالبية يهودية في انتخابات بلدية القدس، وتجنب احتمال فوز فلسطيني في انتخابات بلدية المدينة وتداعياته السياسية.

عموماً يُقر الإسرائيليون بأنهم يعانون من العجز والفشل في شرح الحجج التاريخية والدينية والاعتبارات الأمنية في موضوع القدس وغيره من الموضوعات المكونة لجوهر الصراع في وعلى فلسطين. فالأكاذيب والخرافات لا يمكن لدستة قوانين تحويلها إلى حقائق، والمُحتل لا يمكن أن يسن تحت أي سواتر قانوناً رحيماً وعادلاً.