هذه هي الثورات الحقيقية التي تحتاجها الشعوب في دول العالم الثالث، كي تنطلق نحو العالم الأول بعزم وثبات.

ثورات الإصلاح واجتثاث الفساد والفاسدين، وليست ثورات الهدم والتدمير.

ما حدث أشبه بحلم جميل في ليلة ماطرة. من الذي يصدق أن يشاهد هذه العناوين الجريئة تتصدر شاشات التلفزيون؟!

كنت أسأل الجالسين جواري: هل كنتم تتخيلون أن يأتي يوم ونقرأ على شاشة التلفزيون عنوانا يتحدث عن القبض على أمراء كبار، ووزراء مخضرمين، بتهم الفساد؟!

أمس القريب، لم نكن نجرؤ على التصريح بشكوكنا وظنوننا. مجرد التصريح بالتهمة يقودك إلى مستقبل مجهول!

والمؤلم في الطرف المقابل، أن شريحة عريضة من المجتمع هي من تتصدى لك لتقزيمك والتشنيع عليك، بل وتخويفك وترهيبك إذا لزم الأمر: من أنت حتى تشكك في ذمة سمو الأمير فلان.. من أنت حتى تتهم معالي الوزير فلان بالفساد.. من أنت حتى تشكك في أمانة هذا الوزير الذي تم نقله من مكان إلى آخر بفضل كفاءته ونجاحاته!

لم يكن بعض هؤلاء المقبوض عليهم يردون على أحد. كان الواحد منهم يمشي كالطاووس وخلفه طابور من المتنفعين والمتلونين الذين يصورونه إحدى أيقونات الإنجاز والأمانة!

اليوم، بعدما أشرقت الشمس وشاهد الناس الحقيقة ناصعة، أقول لكم بكل طمأنينة وراحة بال: أقسم بالله، إنني كنت أقف حائرا كلما مرت علي صورة أحد الوزراء المقبوض عليهم أول من أمس. كنت أسأل نفسي: «معقول لم يتم اكتشاف هذا المخادع حتى الآن». لم أعثر على إجابة ثالثة إلا أنه مخادع ضخم.

«من أنت؟!»، كان حجرا ضخما يوضع في طريق من ينشد الإصلاح.

اليوم فقط، اليوم أقول بكل فخر: أنا «سلمان بن عبدالعزيز». أنا «محمد بن سلمان».

أنا مواطن يرفع رأسه عاليا. فخور بوطن «قال.. وفعل». وطن تطهّر من الفساد. وطن اغتسل من أيدي اللصوص ومصاصي الدماء. وطن سيضع الجميع تحت مسطرة واحدة. وطن الحزم والعزم. وطن لا فرق على أرضه بين مواطن وآخر. وطن عاد رشيقا يسير نحو المستقبل بعين بصيرة وخطوة واثقة.

وليخسأ الخاسئون.