اضطرت إحدى الأسر في المملكة إلى الانتقال من مدينة إلى أخرى في وسط العام الدراسي بسبب عمل رب الأسرة، ولسرعة القرار لم تستطع الأسرة إبلاغ المدرسة بالأمر. واجه الأب هاجس تسجيل الابن في مدرسة جديدة وسط العام الدراسي وسحب ملفه من مدرسته الحالية. وخلال طريقهم إلى حياتهم الجديدة في حالة من القلق والتوجس، فوجئت الأم باستقبال مكالمة من وزارة التعليم للاطمئنان على ابنها لعدم حضوره إلى المدرسة في ذلك اليوم. فأبلغتهم بالمشكلة وانتقالهم إلى مدينة جديدة، فأخذوا عنوانهم الجديد وسجلوا البيانات. وفي عصر ذلك اليوم، استقبل الأب مكالمة أخرى من إدارة التعليم في المدينة الجديدة لإخباره بالمقاعد المتوفرة في مدارس بالقرب سكنه الجديد. وأضافوا، يمكنك زيارة المدارس واختيار المدرسة المناسبة لكم خلال الأسبوع القادم، وسنقوم بتحويل ملف ابنكم إلى قائد المدرسة الجديدة لاستقباله وإتمام اللازم.

أثر مثل هذه المكالمة كبير في نفوس الأهالي، ويطمئنهم بسلامة أبنائهم بين أيادي الوزارة، والوصول إلى هذه المرحلة – وأكثر- مطلوب في تعليمنا، فالأبناء هم المستقبل.

القصة السابقة من نسج الخيال، وأعلم أن بعض المعلمين يبادرون بالتواصل مع المنزل في حال غياب أحد طلابهم، فلهم منا الاحترام والتقدير. وزارة التعليم جهاز مليء بالعمليات المتشعبة في مجالات مختلفة، ومليء بحالات الطوارئ التي تستجد كل يوم سواء داخل الصف، المدرسة، إدارة التعليم، أو جهاز الوزارة. أتمتة العمليات يزيد من الكفاءة ويقلص الهدر، واقترح بناء مركز التحكم التشغيلي وعمليات التعليم، ويعمل وفق بيروقراطية حسنة وشفافية عالية بمتابعة جميع عمليات التعليم في المملكة من: بيانات الطلاب والمعلمين والقيادات، سواء الشخصية أوالجغرافية أو الأكاديمية ومستويات أدائهم، والبرامج التدريبية وأثر التدريب، والنقل، والاستثمار والحوافز والجزاءات، والكتب، والمباني، وطلبات الصيانة، وغيرها عن طريق أتمتة جميع عمليات التعليم اليومية والشهرية والفصلية والسنوية. ويتم ربط كافة هذه البيانات بالمركز للخروج بإحصاءات ومعلومات يستطيع أن تستفيد منها الأطراف المختلفة من صانع القرار والمؤسسات الحكومية لمتابعة الأداء، أو إلى ولي الأمر للتعرف على الخدمات التعليمية وحال أداء أبنائه وبناته، أو القطاع الخاص للتقديم على الفرص المتاحة في دعم التعليم أكاديميا أو تشغيليا. ويعمل المركز كمكتب مشاريع لمتابعة المبادرات وإصدار التقارير الدورية حول أداء الوزارة التشغيلي.

أولى خطوات إصلاح التعليم في هذه المرحلة هي تقليص الفجوة بين صانع القرار والمعلم، فكلما تمكن المعلم داخل الصف أزحت هاجسا يضغط بصورة سلبية على أدائه، ومنحته مساحة يؤدي بها رسالته براحة واستقرار نفسي ومهني. بالإضافة إلى ذلك، قدرة الوزارة على ربط البيانات الضخمة وتحليلها ومتابعة تفاصيل الأداء لتوفير الدعم عامل إضافي لرفع جودة الخدمة وقياس أثرها، وتسهيل تعميم القرارات المبني على الحقائق والإحصاءات. وهذه البيانات يتم جمعها من كافة قطاعات التعليم سواء وزارة التعليم، هيئة تقويم التعليم، مركز قياس، أو ربطها بأنظمة حكومية تقنية أخرى.

أتصور هذا المركز كغرفة لعمليات الطوارئ أو المشاريع البترولية الضخمة ذات الشاشات الكبيرة - صورة مشابهة رأيناها في مركز اعتدال- ومنسوبو المركز منقسمون إلى 13 قسما في مقر واحد، بحيث يمثل كل قسم منطقة إدارية لمتابعة التعليم فيها، ويشرف على هذا كله وكيل وزارة مسؤول عن العمليات والتشغيل. ويتبع لكل قسم أخصائيو بيانات وفريق متكامل من خدمة العملاء ومنسقي العمليات ومركز اتصال. المركز لا ينافس أو يتعدى على مهام ومسؤوليات إدارة التعليم، وإنما يقوم بالعمليات المسؤول عنها جهاز الوزارة المركزي، بالإضافة إلى متابعة جميع العمليات التي تتم في إدارات التعليم ليضع الطالب أولا ويقترب من واقع الميدان.