خلال مؤتمر الحزب الشيوعى الصيني الشهر الماضي، ركز الرئيس الصيني شي جين بينج -بشكل لا لبس- فيه على هدف يرمي إلى وضع الصين في مركز عالمي قوي بحلول عام 2050، مدعوم بالاستثمارات الضخمة في كل من الاقتصادات الصناعية والإنمائية.

وفي الظاهر، يبدو أن هذا التحول عمل جيد للجميع، بما في ذلك أوروبا.

ولكن بالنظر إلى حجم وطبيعة الاستثمار الصيني، فإن ما يبدو وكأنه عمل جيد، يمكن أن يقود نظام سوقنا المفتوح إلى نقطة الانهيار.

وتحتل أوروبا مركز الصدارة في هذه الدراما، أي أنها تتولى نظام التجارة العالمية، نظرا للانحسار الحامي الأميركي الحالي على التجارة، وهدف الصين الطموح للاستثمار في بكين.

في البداية، كانت هناك حاجة ماسة للاستثمار الصيني، إذ تركت الأزمة المالية أوروبا مع فجوة استثمارية تقدر بـ330 مليار يورو. وباعتبارها فرصة، عززت الصين استثماراتها في جميع أنحاء أوروبا بنسبة 1,500% منذ عام 2010.

وبصفتي مدافعا عن التجارة الحرة مدى الحياة، أود أن أرحب بهذا الأمر على أنه جيد للاقتصاد الأوروبي.

ولكن يُخشى أن يتحول التزام القارة بالتجارة الحرة والأسواق المفتوحة إلى ضعف إستراتيجي. ولذا لا ينبغي التقليل من شأن مخاطر استثمار عدواني تواجهه قطاعات التكنولوجيا والبنية التحتية الحيوية في القارة.

في البداية، ركز استثمار الصين النقدي الضخم على مشاريع البنية التحتية في الاقتصادات الأوروبية المتعثرة في الأطراف الجنوبية لمنطقة اليورو، مما خلق أزمة توافر فرص في البرتغال واليونان وإيطاليا وإسبانيا. وفي عام 2015 كان نصف الاستثمارات الصينية تقريبا في الدول الجنوبية وحدها.

وقد أثرت هذه الاستثمارات بالفعل على قرارات السياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي. ففي يوليو الماضي، نجحت الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، والتي تتمتع باستثمارات صينية كبيرة، في أن تسقط بيانا عقب حُكم ادعى فيه أن حقوق بكين البحرية والموارد البحرية في بحر الصين الجنوبي لا تتفق مع القانون الدولي.

ولم يكن هذا العمل معزولا عن إعاقة اليونان لبيان ينتقد سجل حقوق الإنسان في الصين.

وفي السنوات الأخيرة، تحول اهتمام بكين أيضا إلى شمال أوروبا، مستهدفة قطاع التكنولوجيا، وأدى ذلك إلى إثارة القلق المتزايد من أن استثمارات التكنولوجيا الفائقة التي تستخدم لتجاوز حظر الاتحاد الأوروبي المفروض على توريد الأسلحة للصين.

بدأت أوروبا ببطء تستيقظ لهذا الخطر. وفي اطار دعوة مشتركة من برلين وباريس وروما اقترحت المفوضية الأوروبية إيجاد آلية لفحص ناقوس الخطر حول الاستثمارات في القطاعات الحساسة. ومع ذلك، فإن هذا الاقتراح لا يعادل حجم التحدي.

ولتعزيز مكانة أوروبا، باعتبارها المعقل الرئيسي الأخير للتجارة الحُرة المفتوحة، يجب أن يكون شعارنا هو أن تظل التجارة حُرة، وأن تكون عادلة.


أندرس فوج راسموسن*


 * رئيس وزراء الدنمرك بين عامي 2001 و2009

 (الفاينانشيال تايمز) - البريطانية