الموظف الحكومي الوحيد في البلد الذي يتم «الدعس» على بطنه كل يوم دون أن يجد من يقف معه، هو المعلم!

يُمزَّق ثوبه. يتدرب المراهقون على ملاكمته باللكمات المستقيمة والجانبية، ويصارعه طلاب الثانوية بالتصفيق المزدوج، و«يترفس» أولياء أمورهم في بطنه. دون أن يجد لائحة صارمة تحميه وتردع من يعتدي عليه.

يوم أمس، تعرض لنا الصحف حلقة جديدة من المسلسل المكسيكي الطويل: صور لمدير مدرسة في العاصمة الرياض خرج للتو من اعتداء مجموعة من الطلبة عليه، وكأنه خرج من حادث اصطدام على طريق سريع!

هذا المدير رجل محظوظ. وكما يقال شعبيا «رضِي والدين». هل قلتم لماذا؟ الرجل تم الاعتداء عليه خارج أسوار المدرسة، ولذلك تم إبلاغ الشرطة التي بدأت بالتحري والتحقيق في الحادثة، وسيأخذ حقه بقوة النظام، ناهيك عن الحق العام في ردع هؤلاء العابثين.

لكن تخيلوا -وقلت هذا ذات مرة- لو تم الاعتداء من الطلبة على مدير المدرسة داخل أسوار المدرسة. ما الذي سيحدث؟!

سيتصل المدير بمركز الإشراف التربوي، يرسلون إليه مشرفَي الإدارة المدرسية والإرشاد الطلابي. يقومان بتوبيخ الطلبة. أخذ التعهد اللازم عليهم، وربما استدعاء أولياء أمورهم. التعهد بعدم تكرار أبنائهم الاعتداء على المدير!

لكن حظ المدير المشار إليه -أو قل: المعتدى عليه- أن الاعتداء تم خارج أسوار المدرسة، لذلك لن ينجو المعتدون من القانون!

اهدموا أسوار المدارس؛ سور المدرسة فاصل مهم، يعطي الطالب حصانة أن يفعل داخل المدرسة ما يشاء. يفصل بينه وبين القانون سور المدرسة!

والذي أحبطني أن وزير التعليم لم يقم بزيارة المدير المعتدى عليه. أو حتى الاتصال به. العذر الوحيد الذي ربما أجده للوزير هو خشيته أن يتورط في كثرة الزيارات والاتصالات في مناطق البلاد، لكثرة الاعتداءات المحتملة!

قبل أن نتحدث عن تطوير التعليم، يُفترض الحديث عن قيمة المعلم وحصانته وحمايته من الاعتداءات. المعلم موظف حكومي. الاعتداء على موظف الحكومة هو اعتداء على الحكومة.

أختم باقتراح سبق لي طرحه في هذا المكان، وقد يبدو طريفا لكنه واقعي:

إن لم تبادر الوزارة بحماية معلميها فعلا، فلا أرى بأسا من صرف بدل مالي للمعلمين تحت مسمى «بدل رفس ودعس»!.