في عام 2004 أطلقت الشركة السعودية للسكة الحديدية مشروع قطار الشمال الجنوب، ومنذ ذلك الحين وهذا المشروع ذهب إلى كل مكان إلا باتجاه الجنوب، توغل مسار هذا القطار نحو الشمال حتى وصل إلى الحديثة على حدود الأردن، ولكنه لم يخط خطوة واحدة نحو الجنوب، حتى أصبح مسمى المشروع «قطار الشمال الجنوب» يليق كعنوان لرواية بطلها يجيد اختلاق كل الأعذار حتى يواصل سفره نحو الشمال موليا ظهره للجنوب.

عندما أعلنت الدولة عن مشروع «قطار الشمال الجنوب» فإنها أعلنت أنه سيكون المشروع عبارة عن مرحلتين: المرحلة الأولى تبدأ بخطين، الأول من الرياض، ويمتد باتجاه الشمال الغربي إلى الحديثة بالقرب من الحدود الأردنية، والخط الثاني من نقطة المنتصف تقريبًا من خط الرياض – الحديثة إلى نقطة يطلق عليها اسم «ملتقى الزبيرة» شمالاً، مرورًا بمناطق ترسب البوكسايت في الزبيرة، وصولاً إلى منشآت المعالجة والتصدير في رأس الزور على ساحل الخليج العربي. كما سيتم بناء العديد من الخطوط الفرعية كجزء من المشروع. حيث سيتم تكريس أحد الفروع من الخط الرئيسي الذي يمتد من الرياض إلى الحديثة لخدمة مناجم الفوسفات في منطقة الجلاميد في شمال غرب البلاد، كما سيتم تكريس فرع آخر لخدمة منطقة البسيطاء الزراعية في الشمال الشرقي من البلاد. كما سيتم تكريس خط فرعي يبدأ من الخط الرئيسي الممتد بين منطقة الزبيرة إلى رأس الزور لخدمة مناجم البوكسايت في منطقة الزبيرة، بالإضافة إلى خط فرعي آخر لخدمة مدينة الجبيل الصناعية المطلة على الخليج العربي. ويضمن المشروع الإجمالي للشركة السعودية للخطوط الحديدية إنشاء سكة حديدية يقارب طولها 2400 كيلومتر.

وأن تكون المرحلة الثانية من الرياض نحو الحوطة ثم وادي الدواسر إلى نجران، ثم إلى خميس مشيط. ومن خميس مشيط نحو الباحة وصولا إلى الطائف، وأن يكون هناك خط على ساحل البحر الأحمر يمتد من جازان إلى جدة، ومن ثم إلى الشمال تبوك، ولكن في الوقت الذي كان ينتظر فيه أهالي الجنوب تنفيذ المرحلة الثانية من المشروع أعلنت وزارة المالية في بيان أن مسمى المشروع (سكة حديد الشمال – الجنوب) لم يعد مطابقا للواقع محطما الآمال الكبيرة التي بناها أهالي الجنوب على هذا المشروع الذين هم في أمس الحاجة إليه، فالمناطق الجنوبية جازان وعسير ونجران ووادي الدواسر تفتقر إلى البنية التحتية المتكاملة، وخاصة في مجال الخدمات الصحية التخصصية ومجال الوظائف، ولذلك ما زالت الهجرة من الجنوب نحو الشمال مستمرة بشكل كبير بحثا عن العمل والعلاج وعن مدن أفضل توفر مقومات الحياة الحديثة، وبناء سكة الحديد التي تربط الجنوب بالشمال هو الخطوة الأولى لبناء البنية التحتية في الجنوب، مشاريع سكك الحديد هي من أساسيات المواصلات في كافة دول العالم، وهي الوسيلة الأفضل للموازنة في التنمية الاقتصادية وتنمية البنية التحتية بين مناطق أي دولة في العالم، وتأخرنا كثيرا في بناء سكك الحديد، وسنتأخر أكثر ما لم تقم وزارة النقل بتنفيذ وعدها فورا ببناء سكة الحديد نحو الجنوب ليتم تحقيق بناء البنية التحتية المتوازنة بين مناطق المملكة وفقا لإستراتيجية وتوجهات الدولة التي تحرص دائما على أن تحظى كافة مناطق المملكة ببنية تحتية متكاملة، تحقق للمواطن الحياة الكريمة التي يستحقها.

في عام 2015 كتب وزير النقل في صحيفة الجزيرة تعقيبا على مقال للدكتور محمد العوين الذي كتبه عن قطار الجنوب، قال فيه: «وبالنسبة لما ذكرته عن قطار الجنوب فأود الإيضاح بأن الوزارة لم تغفل هذا الجانب المهم، فهناك دراسة أجرتها الوزارة لإنشاء قطارات في عدد من المناطق بالمملكة، منها المنطقة الجنوبية، حيث يتم حالياً تحديث الخطة الإستراتيجية للخطوط الحديدية لربط بعض مدن المملكة بالشبكة الحالية، وسيتم تنفيذ مجموعة من تلك الخطوط حيث سيتم ربط الرياض/‏ الخرج/‏ حوطة بني تميم/‏ وادي الدواسر/‏ نجران، ووصلة إلى خميس مشيط، إضافة إلى خط آخر يربط مدينة جازان بجدة، والخط الآخر يربط مدينة خميس مشيط/‏ أبها/‏ الباحة/‏ الطائف، وربطه بالجسر البري عند تنفيذه ».

نحن الآن على وشك الترحيب بعام 2018، ولم يتم تنفيذ أي شيء مما وعد به وزير النقل، وما زال السؤال مستمرا: أين قطار الجنوب؟