تحصي شركة غوغل، ولديها محرك البحث الأكثر انتشاراً في شبكة الانترنت، عبر هواء الأرض، نهاية كل عام، أكثر الكلمات بحثاً في محركها، سواء على مستوى العالم، أو لكل بلد على حدة. تأخذ هذا من نقرات الأجهزة وأصابع المستخدمين. السعودية إحدى هذه البلدان النشطة على الإنترنت، أما أفواه الناس فيها فلا توجد طريقة لتعرف ما الكلمات الأكثر رواجاً، في المجالس ومنتصف الطرقات، وليالي السهر والصدف.

في السنوات العشر الماضية، كانت الفعاليات المتاحة لعموم الناس محدودة جداً، وفيما لو كنت خارج الرياض، وجدة، والدمام، فإنك لن تسمع عن أخبارها إلا بصدامات المحتسبين، التي تحدث غالباً في معرض الكتاب الدولي، أو بمهرجان الجنادرية، سوى ذلك فإن الغالبية منكبّون على شاشات جوالاتهم، يلاحقون أخبار العالم، وأسعار التذاكر، ومواعيد الإجازات، وحياة البلدان على القرب والبعد، وإلى وقت قريب كان العالم الافتراضي هو الواقع أو الحياة البديلة بالنسبة للسعوديين، ولم تكن هذه علامة جيدة على الإطلاق.

ماذا حدث إذن في عام 2017؟ الكثير، فمثلاً: تنظيم عمل جهاز هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، بما يصون سلامة وكرامة المجتمع، ويحفظ للمستثمر المحلي والأجنبي فرصته. رفع الغطاء عن الصحوة والتطرف، بل والإعلان عن مواجهته «سندمرهم الآن وفوراً». عودة الحفلات الغنائية للمسارح والتلفزيون، فعاليات على مدار الأسبوع، لا الشهر، وتكريم لأسماء مستحقة، حفلات لشخصيات عربية وعالمية، إقرار قيادة المرأة للسيارة، التوجيه بإعداد نظام لمكافحة التحرش، والموافقة على نظام آخر لمكافحة الكراهية والتمييز والتطرف، ولجنة عليا لمكافحة الفساد، واستعادة المال العام، الإعلان عن مشروعين سياحيين ضخمين: القدية في العاصمة الرياض، ومشروع البحر الأحمر في أملج والوجه، والإعلان عن المشروع الكبير؛ المدينة الصناعية الذكية «نيوم» شمال غرب المملكة، قرار السماح بأنشطة السينما، والبدء في استصدار تصريحات دورها، مع أفراح شعبية أخرى، ليس آخرها تأهل المنتخب لنهائيات كأس العالم. من يصدق حقاً!

قبل مدة ليست بالبعيدة كان الهاجس الأول لأجيالنا هو ملاحقة فتات الفرص للخروج من البلد، وكانت هذه علامة خطرة! بصراحة كنا نرى كل شيء موصد، لا هوامش معلنة للحياة الشخصية، الخيارات محدودة، وتفاصيل الحياة في قبضة تيار خارج التاريخ والزمن والعقل والضمير، وكنا نرى المستقبل يمضي نحو المجهول. الآن لدينا بلد وخطة وآمال ومستقبل، ومهما يكن حجم المغامرة والصعوبات فإنها أفضل من التآكل أو الوقوف بانتظار معجزة.

أيها الـ2017 حقاً من رآك!