منذ نهاية الحرب العالمية الثانية درجت مختلف الإدارات الأميركية على تقديم مساعدات خارجية إلى دول تعتبرها حليفة أو صديقة للولايات المتحدة الأميركية. وأنشأ الرئيس الأميركي جون كينيدي في 1961 «الوكالة الأميركية للتنمية الدولية»، التي أصبحت من أهم المنظمات التي تتولى مسؤولية تقديم المساعدات حول العالم.

 ويعتقد صانعو القرار السياسي الأميركي أن تلك المساعدات التي تشكل نسبة تقل عن 1% من الميزانية الفيدرالية هي أداة فعالة ومؤثرة للحفاظ على المصالح في الخارج، وتحقق رزمة فوائد للولايات المتحدة منها: مواجهة التهديدات للأمن الوطني مثل: أسلحة الدمار الشامل، والإرهاب، وعدم الاستقرار الاقتصادي في العالم. وإحلال السلام والديمقراطية. ودعم دور الولايات المتحدة في قيادة العالم. وتخلق فرص عمل داخل الولايات المتحدة وتزيد الصادرات وتفتح أسواقاً خارجية للأعمال الأميركية.

 وقدمت الولايات المتحدة 35 مليار دولار إلى أكثر من 140 دولة في العام 2014. في المقابل، التزمت المملكة المتحدة بإنفاق 0.7 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي، وهو ما يعادل حوالي 12 مليار جنيه إسترليني على المساعدات الخارجية في كل عام.

 وفي العام 2017، منحت الولايات المتحدة مساعدات مالية قدرها 17 مليار دولار، مقارنة بـ30 مليارا في العام 2016، و28 مليار دولار في العام 2015. وأعلى 5 دول مستفيدة من المساعدات الخارجية الأميركية هي: إسرائيل: 3.1 مليارات دولار؛ مصر: 1.5 مليار دولار؛ أفغانستان: 1.1 مليار دولار؛ الأردن: مليار دولار وباكستان: 933 مليون دولار.

 وتتكون المساعدات الأميركية المقدمة سنوياً إلى إسرائيل من: المساعدات العسكرية التي كانت خلال الفترة من 1959-1973 تتخذ قروضاً، وأصبحت خلال الفترة من 1974-1984 في شكل قروض ومنح، وأصبحت خلال الفترة من 1984-2016 تأخذ شكل منح أو هبات. بينما تتكون المساعدات الاقتصادية من منح وقروض، وقد توقفت إسرائيل عن استلامها منذ العام 2007. وهناك مساعدات إعادة توطين المهاجرين التي تم تخصيصها للوكالة اليهودية لإسرائيل الموحدة لنقل وإسكان المهاجرين في إسرائيل، واستخدمت لمساعدة المهاجرين السوفييت في ثمانينيات وتسعينيات القرن الماضي، وأيضاً لمساعدة يهود إثيوبيا.

 وهناك صندوق مساعدات تقدم للمدارس والمستشفيات الأميركية في الخارج يدعى ASHA. وثمة مساعدات أخرى تتضمن منحاً وقروضاً بنكية وقروضا سكنية وقروضا تطوير وتنمية.

 وتعد إسرائيل بالنسبة للولايات المتحدة الأميركية رصيداً استراتيجياً هاماً لكونها تقدم خدمات كبرى لها، وهي الخدمات التي تتيحها لإسرائيل العوامل التالية: موقع إسرائيل الجغرافي، وبنيتها التحتية، وقدراتها الدفاعية، وقدرتها على التدخل لصالح الولايات المتحدة عندما تقتضي ذلك المصلحة الأميركية.

 ومقابل السخاء الأميركي تجاه إسرائيل ثمة شح في تقديم مساعدات لحلفائها في الشرق الأوسط مشفوعة باشتراطات ومقايضات وحالات ابتزاز سياسي جوال يشمل مصر والسلطة الفلسطينية والعراق والأردن ولبنان.

وتقدم واشنطن مساعدات لنحو 20 دولة عربية، ووفق إحصاءات عام 2016، التي قدمتها «الوكالة الأميركية للتنمية الدولية»، المعروفة اختصارا بـUSAID يأتي العراق في صدارة الدول العربية التي تتلقى معونات أميركية، ولم يتجاوز الدعم الأميركي للعراق عام 2001، عندما كان صدام حسين لا يزال في الحكم، 181 ألف دولار، ثم قفز عام 2006، أي بعد ثلاث سنوات على دخول القوات الأميركية للعراق، إلى 9.7 مليارات.

 وحصل الأردن على 1.21 مليار دولار. بينما تلقت السلطة الفلسطينية 416.7 مليون دولار، موجهة بالكامل للدعم التنموي. وتلقى لبنان 416.5 مليونا، وحصل الصومال على 274.7 مليون دولار، بينها 174 مليونا مخصصة للمعونات الإغاثية والغذائية، و43 مليونا لعمليات أمنية. وبلغت المعونات الأميركية لموريتانيا أوجها عام 2013 بـ51 مليونا.

ويذكر أنه وفي حالات كثيرة استبقت الولايات المتحدة، مجلس الأمن الدولي في فرضها عقوبات اقتصادية على دول محددة في نزاعات كثيرة. فقد فرضت الولايات المتحدة خلال الفترة 1917-1992 على سبيل المثال لا الحصر عقوبات ضد أكثر من 40 دولة منها: اليابان ولاوس والهند وباكستان وتركيا والاتحاد السوفييتي وبولندا وفيتنام وجنوب إفريقيا والأرجنتين وكوبا وكمبوديا ونيكاراغوا والسلفادور وبنما وهاييتي وليبيا والسودان والعراق وسورية في مناسبات مختلفة وتحت ذرائع عدة.

 ومن أبرز تلك العقوبات ما تمثله رزمة القوانين الأميركية التالية: قانون المساعدات الأمنية الدولية والحد من تصدير السلاح. وقانون إدارة الصادرات لعام 1979. وقانون مكافحة الإرهاب والأمن الدبلوماسي المتعدد المفعول لعام 1986. وقانون التصحيح المتوافق مع الموازنة لعام 1986. وقانون مكافحة المخدرات لعام 1986. وتعديلات العام 1986 على قانون مكافحة الإرهاب وقانون الحد من تصدير السلاح.

 وترجمة لعملية تسييس تلك المساعدات بما يتطابق مع سياسات الولايات المتحدة؛ اقتطعت الحكومة الأميركية في أغسطس 2017، نحو 100 مليون دولار من المساعدات الممنوحة لمصر، حتى تحسّن الأخيرة من سجلها في مجال حقوق الإنسان. علماً أن الدعم المقدّم لمصر، جاء بعد اتفاقية «كامب ديفيد» مع إسرائيل وإثر محاولات الولايات المتحدة تحفيز مصر على إبرام اتفاقية السلام.