في ظل أجواء الإصلاح الاقتصادي الذي تعيشه بلادنا العظيمة، سوف أحاول أن أتنبأ بحاجة سوق العمل الحكومي والخاص للتخصصات القانونية لفترة عشر سنوات، وقد يصدق تنبُّئي أو يخيب، لذا سوف أحاول جاهدا قدر المستطاع. الإصلاح الاقتصادي لا بد أن يرافقه إصلاح قانوني، ومع ذلك تتغير حاجات سوق العمل الحكومي والخاص للقانونيين وتخصصاتهم تبعا لذلك، ففي خلال المدى القصير سوف يحتاج السوق القانوني إلى متخصصين في الاندماج والاستحواذ كتخصص قانون تجاري دقيق، نظرا لأن الشركات تلجأ كثيرا للاندماج كوسيلة للبقاء والاستمرارية في ظل الظروف المتغيرة، مع الأخذ في الاعتبار أن السوق القانوني مكتف بتخصص القانون التجاري بشكل عام، كذلك السوق سوف يحتاج المتخصصين بالتقنين للشريعة الإسلامية، فهناك يبدو موجة تلوح بالأفق نحو ذلك، كذلك تخصص الملكية الفكرية، فهناك حراك أدبي نحو تأليف الكتب والروايات لا يغفله متابع، وهذا قد يعني ازدياد النزاعات بين الناشرين والمؤلفين أو المتهمين بالسرقات الأدبية، وأيضا السوق يحتاج تخصص براءات الاختراع، فمع اهتمام وزارة التعليم بالابتكار والاختراع وكذلك الجامعات فهناك حاجة ملحة، على صعيد آخر ومع ظهور رسوم الأراضي البيضاء وتطبيق ضريبة القيمة المضافة تظهر أيضا الحاجة لمتخصصين بالقوانين الضريبية المقارنة، وربما جمعوا بين المحاسبة والقانون، فهؤلاء نادرون ورواتبهم مرتفعة، أيضا المتخصصون بقوانين الترفية والرياضة، من عقود اللاعبين وتمثيلهم القانوني إلى عقود السينما وتوابعها وغيرها، على صعيد متصل وفي قطاع التأمين فسوف تزداد الحاجة لمتخصصين قانونيين في الاحتيال التأميني، نظرا لأن بعضهم يجد في التأمين فرصة مالية لا تفوت، وسوف تطرح شركات التأمين منتجات كثيرة مختلفة تبعا للسوق.

مع هذه الظروف الاقتصادية تظهر أيضا الحاجة مع كثرة قروض الإسكان والتمويل العقاري والرهن وخلافه لمتخصصين قانونيين في المالية والتحصيل والائتمان في البنوك ونحوها.

على المدى المتوسط سوف تظهر الحاجة لمتخصصين في علم الإجرام والعقاب وقوانينهما، وهذه الحاجة ضرورية لأن التغييرات الاقتصادية يتأقلم معها -صدقوا أو لا تصدقوا- المجرمون وأساليبهم، كذلك يحتاج السوق متخصصين في الجرائم المعلوماتية مثلا لأن التجارة الإلكترونية لا تزال في بداياتها في السعودية، ولها مستقبل مشرق جدا، ومع ازدياد الثقة في الشراء عبر الإنترنت تحصل المتاعب، ويربح القانونيون! كذلك قد تظهر في السوق الحاجة لقانونيين يتحدثون عدة لغات ويعرفون طبيعة بعض الدول أو درسوا القانون في أميركا أو فرنسا أو الصين أو روسيا، لأن المملكة تهدف لجلب الاستثمارات الأجنبية، ومع ذلك سوف تستقر شركات أجنبية بالسعودية، وترغب بمتخصصين يفهمون ثقافة الشركة الأم ويفهمون الثقافة المحلية، كذلك مع إقرار التأشيرات السياحية تظهر الحاجة لمتخصصين في قوانين الجرين كارد والهجرة، سواء في السعودية أو في خارجها، نظرا لأنه قد يتم إقرار فكرة الجرين كارد في السعودية، على المدى البعيد تظهر حاجة السوق القانوني لتخصصات القانون المدني والدولي، ربما في ذلك الوقت يكون هناك قانون مدني سعودي، وبالتالي يحتاج السوق لهذا التخصص، ومع وجود الشركات الأجنبية وازدياد وتيرة الاستثمار وحركة الأموال تظهر الحاجة لوجود متخصصين في القانون الدولي المالي. عزيزي القارئ هذه محض توقعات قد تصدق أو تخيب لكني وضعتها بناء على معرفتي بالسوق القانوني السعودي، لذا بناء على ما ذكرت فربما تغير موضوع رسالتك لو كنت طالب دراسات عليا أو تختار التوجه لتخصص معين حسب هدفك، التوفيق حليفك ما دمت تخطط وتفكر أيها الإنسان القانوني!