في 2014 أعلنت الحكومة النيجيرية عن زيادة في إجمالي الناتج المحلي تقدر بـ 89%، مما جعلها رسمياً أقوى اقتصاد في إفريقيا، والفضل في ذلك يعود إلى الصناعات الجديدة التي استحدثتها نيجيريا منذ أواخر التسعينات الميلادية، معظمها تتمحور حول الترفيه بمرجعية للسينما على وجه الخصوص. تُعرف صناعة السينما في نيجيريا بـ«نوليود»، وهي ثاني أكبر صناعة سينمائية عالمياً بعد «بوليود» الهندية، حيث ينتج النيجيريون ما يقارب 900 فيلم طويل كل عام بمعدل متوسط، بينما ينتج الهنود ألف فيلم، وهوليود تنتج 500 فيلم بمعدل متوسط. تقدر الأرباح الصافية لـ«نوليود» في نيجيريا بـ 250 مليون دولار وفقا لليونسكو، وهو تقدير استصغره كثير من الاقتصاديين، واضعين لنوليود أرباحا أعلى من ذلك بكثير، ولكن هذا الرقم تم التوصل إليه بمعزل عن الأرباح غير المباشرة التي تحققها صناعة السينما في نيجيريا.

يذكر أن الأفلام في نيجيريا لا تحظى بالميزانيات المليونية التي تحظى بها معظم أفلام هوليود في أميركا أو إلى حد ما بوليود، بل إنه من الطبيعي جدا منتجة فيلم نوليودي نيجيري بشكل رسمي بميزانية تقدر بـ100 ألف ريال سعودي فقط. مثلا، في بدايات الصناعة النيجيرية سينمائيا، منتج المخرج «كينيث نابيبو» بنفسه فيلم وأطلق عليه «الذين يعيشون في العبودية» بميزانية تساوي خمسين ألف ريال سعودي، ولكن تم بيع ما يزيد على المليون نسخة من فيلمه على الصعيدين الإقليمي والمحلي، بإيرادات فاقت بكثير قيمة الإنتاج.

وهذه نقطة يتميز بها النيجيريون عن غيرهم سينمائياً، فهم ينتجون الأفلام بأبسط وأخف الطرق الممكنة وأقل ميزانية محتملة، ولكن ذلك لا يشكل أي عائق أمام رواج وعولمة منتجاتهم.

من النقاط الأخرى التي تستجدي الاهتمام بالتجربة النيجيرية هي أنه قبل «نوليود» كان اعتماد نيجيريا على النفط والغاز مرتفعا جدا، أما بعد سنوات تفعيل صناعات الترفيه فقد قل الاعتماد على النفط بأكثر من النصف، حيث يتراوح الآن بين 13 و 14% في أحدث إحصائية رسمية وفقا لصحيفة الجارديان البريطانية. تولي نيجيريا اهتماما كثيرا بهذه النقطة تحديدا، وهذا أمر نتشارك فيه معها، مما سيجعل تجربتها السينمائية من ناحية اقتصادية أكثر استحقاقا باهتمامنا عن تجارب دول لم تعاني من هذا الإشكال المتعلق بالاعتماد على الإيرادات النفطية.

ولكن بالطبع هذا لا يدعونا بأي شكل إلى استنساخ التجربة النيجيرية كما هي، بل أخذ الجيد منها، والنظر إلى عوامل نجاحها التي نتشارك وإياها في بعضها، أو نستطيع تبنّيها في تجربتنا السينمائية مع تجنّب ما تم نقده فيها. أحد عوامل نجاح شعبية نوليود مثلا: قربها من واقع الشعب النيجيري، وارتباطها التلقائي والصادق بجمهورها المستهدف، وذلك عبر تجنّب المبالغات أو التزييف الدعائي. وثاني عامل، وفقا للسي إن إن، هو وجود مهاجرين من نيجيريا في كثير من الدول حول العالم، ومن هنا تجدر الإشارة إلى استهداف جماهير عربية مهاجرة كالسوريين على سبيل المثال عبر صناعتنا السينمائية المقامة في السعودية. وهناك عامل ثالث لهذا النجاح النيجيري، قد يكون مرتبطا بالذي سبق ذكره، وهو تخصيص أسابيع للاحتفال وترويج منتجات نوليود في كبرى العواصم العالمية، مثل باريس ولندن وواشنطن.