نحن بزمن في أمس الحاجة لتكاتف المسلمين ووحدتهم وتوحيد صفوفهم للتصدي للخطر المحيط بهم والتحديات التي يواجهونها من جميع الجهات والتوجهات، ولسنا في حاجة لمزيد من الفرقة والتشرذم والتلاسن الذي يعيدنا «للمربع الأول» الذي لم نخرج منه أصلاً.

ما حدث بين رجب إردوغان رئيس تركيا والشيخ عبدالله بن زايد ما كان يجب أن يكون، وبما أنه حصل فعلى الطرف الأكبر سناً مبادرة إنهائه وعدم تصعيده، إلا أن ما حدث هو العكس، فقد صعده الجانب التركي واستدعى القائم بعمل السفارة الإماراتية بتركيا وقدم احتجاجاً شديد اللهجة، ولم يكتف بذلك بل أطلق اسم فخر الدين باشا «فخري باشا» موضوع النزاع على الشارع الذي تقع عليه سفارة الإمارات.

ونحن في المدينة المنورة انحزنا إلى جانب ابن زايد ليس لأنه من جلدتنا بل لأن أباءنا وأجدادنا هم من صالوا جحيم فخري باشا وتقلبات مزاجه وشدته وعنفه، حتى إن إجرامه بأهل المدينة لم يتوقف على تهجيرهم بل تعدى ذلك إلى قتل بعض منهم لأتفه الأسباب، ودون حرب دائرة أو محاكمة عادلة.

حتى أن نخل المدينة وهو غذاؤهم الرئيس (الرطب والتمر) لم يسلم من فخري باشا، ففي أواخر يوليو اشتد الحر بالمدينة إلى ما فوق 50 درجة فتذمر فخري من الحر وقال: (أمان ياربي أمان إيش حر مدينة)، فقال أحد المتحذلقين بجواره: هذا «يا سيدي» طبّاخ التمر لكي ينضج رطب وتمر المدينة، فأصدر أوامره التعسفية بقطع أشجار النخيل بالمدينة جميعها لظنه أن ذلك سيذهب شدة الحرارة، فأصبح أهل المدينة في وضع لا يحسدون عليه لأن التمر مصدر رزقهم وغذائهم الوحيد.

عند ذلك تدخل كبار رجالات المدينة واستعانوا ببعض الحاشية التركية وأقنعوا فخري بترك النخل وشأنه. وأراد الله بأهل المدينة خيراً فسقطت أمطار في أوائل أغسطس وهو ليس وقتها فساهمت في تخفيف الحرارة، وعدل فخري عن فكرته باستئصال نخل المدينة. هذه إحدى مثالب فخري الذي يعتز به رجب إردوغان ويسمي الشوارع باسمه.

وأثناء حكمه كانت تزخر إسطنبول وأنقرة بالمساجد والمكتبات والطرق ورغد العيش، خلاف ماكانت تعانيه مدينة الرسول صلى الله عليه وسلم وقتها من فقر وجوع وافتقار للكثير من المقومات.