في 22 يناير الماضي، أعلن التحالف الدولي بقيادة السعودية إطلاق «عملية إنسانية شاملة في اليمن»، تهدف إلى معالجة الأزمة الإنسانية المستشرية في البلاد بشكل حاسم. وفي حال نجاحها، ستضع العبء على المتمردين الحوثيين لوقف إعاقة تسليم المساعدات في المناطق الخاضعة لسيطرتهم.

كانت اليمن على حافة الانهيار في الأوضاع الإنسانية حتى قبل اندلاع الحرب. وفي عام 2010 وجد «برنامج الأغذية العالمي» أن 7.2 ملايين يمني (أي 31.5 % من السكان) يعانون انعدام الأمن الغذائي، بمن فيهم 2.65 مليون شخص (أي 11,8 %) في وضع صعب للغاية.

وقد أدت الحرب أيضاً إلى تراجع دخل الأسر بسبب انهيار الإيرادات الحكومية، وتعثّر دفع رواتب القطاع العام في المناطق التي يسيطر عليها المتمردون. وتعتمد اليمن بنسبة 90 % على المواد الغذائية والوقود المستوردة، حيث بلغت الأسعار مستويات مرتفعة جداً بسبب القيود والضرائب الكبيرة التي يفرضها الحوثيون على السلع المستوردة. ويقدِّر «صندوق النقد الدولي» ارتفاع التضخم إلى 24 % في عام 2017، مع ازدياد أسعار البنزين ثلاثة أضعاف خلال الحرب، فضلاً عن ارتفاع تكلفة وقود الطهي بخمسة أضعاف. وتُعتبر «أسعار» المواد الغذائية والوقود الباهظة للغاية - مقابل عدم توافرها - الخطر الرئيس الذي يواجه اليمن حالياً.

لطالما نفَّذ التحالف عمليات إغاثة كبيرة داخل المناطق المحررة من اليمن ،حيث وفرت دعما بقيمة 2.56 مليار دولار بين مارس 2015 ونوفمبر 2017. وعلى نحو منفصل، قدمت السعودية مساعدات إنسانية إلى اليمن بقيمة 869 مليون دولار بين عامي 2015 و2017، وأودعت 3 مليارات دولار في «البنك المركزي اليمني»، كما ساعدت اليمنيين المتواجدين داخل أراضيها بمبلغ قدره 1.1 مليار دولار، ناهيك عن برامج المساعدات الحكومية الثنائية إلى حكومة هادي بقيمة 2.3 مليار دولار.

وتشمل المبادرة الجديدة لـ«العملية الإنسانية الشاملة في اليمن» تعهدا بتقديم مساعدات قدرها 1.5 مليار دولار (500 مليون دولار من كل من السعودية والإمارات و500 مليون دولار من أعضاء التحالف الآخرين). ويلبّي ذلك نصف قيمة «خطة الأمم المتحدة للاستجابة الإنسانية» لعام 2018 والبالغة 2.96 مليار دولار، علما بأنه سيتم توجيه كافة مساعدات التحالف عبر الأمم المتحدة في المرة الأولى. ويبدو أن «العملية الإنسانية الشاملة في اليمن» قد صُمّمت بعناية بالتشاور مع وكالات إغاثة لتلبية متطلبات الأمم المتحدة.

وأخيراً، يتعين على واشنطن إيجاد حل دبلوماسي للحرب باعتباره أحد أهم الأهداف الإستراتيجية على المدى القريب في الشرق الأوسط. وقد لفت الحجم الهائل للمشاكل الإنسانية انتباه البيت الأبيض إلى اليمن، لكن من شأن الاضطلاع بدور أكثر فعالية في إنهاء الحرب أن يخدم أيضا مجموعة من المصالح الأميركية الأخرى.

ومن أجل تعزيز عملية إحلال السلام والحد من الفقر في معادلة المجاعة، يتعيَّن على واشنطن مضاعفة جهودها لإعادة توحيد «البنك المركزي اليمني»، وتنشيط فعاليته بشكل كامل، لتمكينه من تمديد دفع رواتب أكثر من مليون موظف حكومي في أراضي تواجدهم. إن إقناع الحكومة اليمنية المعترف بها دوليا بمتابعة هذه الخطوة من المرجَّح أن يتطلب قيام الجهات الفاعلة العالمية بتسليط الضوء على الضرائب الحوثية المفروضة على عمليات تسليم المساعدات، والسعي بقوة إلى عودة حكومة هادي إلى صنعاء. 

مايكل نايتس*


 *زميل «ليفر» في (معهد واشنطن لسياسة الشرق الأوسط) الأميركي