عند الحديث عن دورات التطوير والتنمية بشكل عام أن نقف أمام حديث ذي شجون يبدأ ولا ينتهي من خلال ما نرى أو نسمع أو حتى نشاهد في عالم الدورات.

ما إن تبدأ بالتفكير في الانضمام إلى أي دورة تجد تفكيرك محصورا بين أمرين، وهما: ما مدى الفائدة المرجوة من الدورة، الأمر الآخر هو السعر الذي يعد المتحكم الأكبر في عالم الدورات والمدربين، فنحن كأشخاص في المجتمع نتعامل مع الدورات بشكل احتياجات أساسية لبناء مهارات شخصية وإضافات اجتماعية تجعل الحياة أفضل، ولكن واقع الدورات ليس كذلك، فما نجده من مبالغة في أسعار بعضها أو تكرار للمعلومات بشكل مستفز أو عدم تنوع الأفكار أو قصر المدة الزمنية، كل ذلك يعتبر ببساطة الغش التجاري إذا صح التعبير.

الدورات فرصة وليست ورطة، وما نجده أن عالم الدورات يعج بفوضى مقصودة يتم العمل من خلالها ليكون الربح المادي هو الهدف العام، وأهم مما قد يستفيد منه العميل، وما شجع على ذلك هو عدم وعي الناس بما يحتاجونه من الدورات كماً وموضوعا، وهذا ما يجهله البعض لأنه يفتقد تحديد أهدافه وتخصص حاجاته على نحو يجعله منظما فكريا، في بعض الأحيان قد لا نحتاج إلى دورات، بل من الممكن الاستعانة بقليل من التقنية أو قراءة بشكل مكثف حول موضوع معين، ما يجعل الشخص صاحب ثروة معلوماتية. فالمستقبل القريب لا يعتمد إلا على قوة ونوع المعلومات الموجود.

الدورات من الأدوات التي تجعل الحياة أفضل وليس أسوأ، ولكن في الواقع يختلف الحال، فقيمة إحدى الدورات قد تعادل تكاليف السفر إلى أحد البلدان المجاورة والحصول على نفس الدورة مع مراعاة فرق السعر الرهيب. أضف إلى ذلك المدة الزمنية القصيرة لبعض الدورات التي قد لا تكون كافية للعميل لأن يأخذ الفائدة بشكل صحيح، فمثلا تكون مدة الدورة 10 أيام وتتطلب جانبا من التطبيق والتنفيذ، فتتحول إلى استعراض لأهم المعلومات فقط.

وحتى تكون الدورات للجميع وفي متناول الجميع بشكل نظامي أقترح أن تكون تحت إشراف هيئة إدارية تسمى هيئة التدريب والتطوير، تكون تابعة لإحدى الوزارات المعنية.

 إن كانت وزارات التعليم أو العمل والشؤون الاجتماعية أو التجارة تهتم بكل ما له علاقة بالتدريب والمدربين، وبإشراف كامل ومباشر على نحو يجعل العمل التدريبي منظما وبشكل أكثر مصداقية، عندها سيكون العمل التدريبي فرصة حقيقية وليس مجرد ورطة.

ومن خلال الهيئة تكون هناك اختبارات تهدف لمعرفة ما هي الدورات المناسبة لكل شخص حسب صفاته الشخصية وتخصصه ومؤهلاته، لتوفير الجهد والوقت.

كما أن وجود هذه الهيئة يمنع عمليات التلاعب والاستغلال أو التقصير في الخدمات المقدمة، وهي ستشرف على الشهادات المعتمدة وجودة الدورات المقدمة، وتراقب ما يقدم للعملاء من معلومات وموضوعات، وتعمل الهيئة على عمل استطلاع دوري من خلال زيارة الشركات والمدارس والجامعات وحتى المصانع لمعرفة حاجات الناس التدريبية، وكل ما من شأنه أن يعيق التطوير.

كما أن وجود هيئة خاصة للتدريب والتطوير سيمنع من وجود دورات الواتساب السريعة، وسيكون البديل المعتمد هو الدورات المنظمة والمعتمدة عبر استخدام التقنية حفاظا على المصداقية.

وستعمل الهيئة على تخصص المدربين، والعمل سيكون من خلال تصاريح خاصة بعد ما يقدم المدرب أو المدربة كافة الشروط لإقامة الدورة، وعلى تنظيم التخصصات بحيث يكون لكل مجال مجموعة من المتخصصين من المدربين المؤهلين المعتمدين دون الحاجة للاستعراض الإعلامي.وستعمل الهيئة على إيقاف الجشع التجاري من خلال ضبط أسعار الدورات بما يتناسب مع قدرات الناس منطقا وعقلا، وستكون الهيئة هي المرجع الأساسي والضمان لحقوق العميل والمدرب بشكل قانوني.